الخميس، 21 أغسطس 2008

هاجس الانقسامات العرقية في منطقة القوقاز


هاجس الانقسامات العرقية في منطقة القوقاز

الخميس 20/8/1429 هـ - الموافق21/8/2008 م
دفعت الحرب الجورجية الروسية الأخيرة بالانقسامات العرقية والقومية (الإثنية) في القوقاز -التي تسببت سابقا في اندلاع نزاعات دامية- إلى الواجهة مجددا، لكنها هذه المرة جاءت ضمن استقطاب سياسي أكثر حدة فرضته ظروف المناخ الدولي التي تلت انهيار الاتحاد السوفياتي السابق.

فكما هو معروف ينتمي الأوسيتيون إلى إحدى المجموعات العرقية الخمسين في القوقاز التي تتكلم لغات مختلفة وتتميز بقوة تمسكها بهذه الأرض التي تعتبرها مهد الأجداد.

ويوضح ألكسندر تشركاسوف الخبير في المنطقة في منظمة ميموريال المدافعة عن حقوق الإنسان أن "القوقاز يشهد تعقيدات خاصة بمنطقة جبلية حيث يعيش الناس الذين ينحدرون من أصول عرقية مختلفة معزولا بعضهم عن بعض".

ويرى تشركاسوف أن المنطقة في إطار هذا التركيب السكاني تشبه من أوجه عديدة ما هو موجود في أصول عرقية في بابوا غينيا الجديدة ونظام القبائل في جبال أسكتلندا.

وبإضافة هذه العناصر إلى ما يسميه ميراث الفساد في مرحلة ما بعد العهد السوفياتي والعنف وتدفق الأسلحة تبدو الصورة أكثر وضوحا في منطقة القوقاز الذي عرف تاريخه القريب نزاعات دامية.

فعلاوة على أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا اللتين شهدتا حربا أهلية مطلع التسعينيات من القرن الماضي، وقعت نزاعات دامية في ناغورني كاراباخ بين أرمينيا وأذربيجان ثم الحرب الضروس في الشيشان مع الجيش الروسي التي أسفرت عن مقتل مائة ألف شخص.

لكن على الرغم من هذا التاريخ يرى المحللون أنه يمكن لسكان القوقاز أن يعيشوا بانسجام إذا توقفت التدخلات الخارجية، فالعلاقات الاجتماعية تربط العديد من الجورجيين والأوسيتيين والأبخازيين حتى إن الزعيم الأبخازي سيرغي باغابش الذي يطالب باستقلال أبخازيا عن جورجيا متزوج من جورجية.

فرق تسد وتتلخص العقدة التاريخية في هذه المنطقة في أنها صنيعة الغرباء الذين يعمدون إلى إثارة المشاكل كما يرى الباحث في أكاديمية العلوم الروسية سيرغي أروتونوف.

إذ يقول الأكاديمي الروسي إن الروس كانوا لفترة طويلة بارعين في هذا الميدان ويعززون هيمنتهم بتحريض بعض المجموعات القومية والعرقية على بعض، وذلك تطبيقا لمبدأ فرق تسد الذي كان ولا يزال أداة في يد القوي منذ عصر الإمبراطوريات الكبرى.

ففي القرن التاسع عشر تحالف القياصرة مع الأوسيتيين -الذين كانوا يحتلون موقعا إستراتيجيا- بهدف نسف محاولات زعيم المقاومة المناهضة لروسيا إمام شامل في جمع قبائل القوقاز الشمالي.

وبعد ذلك استغل الزعيم السوفياتي جوزيف ستالين مبدأ "فرق تسد" إلى حد كبير فشتت المجموعات العرقية في مناطق إدارية مختلفة وأرغم بعضها على الانتقال إلى أماكن أخرى لتغيير التوازن الديمغرافي.
انعكاسات الماضي
وما زالت انعكاسات الانتهاكات التي ارتكبها ستالين قبل عقود سببا في تناحر القوقاز كما هو الحال في مساعي الأبخاز من أجل الاستقلال أو النزاع بين الأوسيتيين وجيرانهم الأنغوش في الشمال.
وفي هذا السياق يقول محرر "العقدة القوقازية" على الإنترنت غريغوري شفيدوف إن الكرملين ما زال يطبق المبدأ نفسه "فرق تسد" دون أن يأخذ في الاعتبار المعاناة الناجمة عن ذلك.

ويتهم في الوقت ذاته بعض القادة مثل رئيس جورجيا الأول زياد غمساخورديا القومي المتطرف بزرع الحقد بين الجورجيين وجيرانهم والأوسيتيين والأبخاز وما نجم عن ذلك من انعكاسات وخيمة، مشيرا إلى أن غالبية هذه النزاعات افتعلها رجال السياسة لغاية في "نفس يعقوب"، ولا تنم عن مشاعر "عرقية أو إثنية" محضة.

0 التعليقات: