الثلاثاء، 23 سبتمبر 2008

مؤتمر الّلغة الشركسيّة: لماذا الآن؟

مؤتمر الّلغة الشركسيّة: لماذا الآن؟
يمثل الاستعمار واحدة من أخطر الانتهاكات للسيادة الوطنية للدول والأمم، وخرقا للقانون الدولي، الذي يبيّن تقريبا بانّ كافّة الجرائم الخطيرة المرتكبة ضد الإنسانية في المناطق المستعمرة قد ارتكبت من قبل القوى الاستعماريّة. ولذلك فانّ الاحتلال الأجنبي ينبت بيئة بحيث يتعرض الشعب المستعمر إلى مجموعة واسعة من الانتهاكات الجسيمة والمنهجية لحقوق الإنسان والحريات، بما فيها الطّرد والتشريد والحرمان من حقّهم في تقرير المصير، والشعب في الأراضي المحتلّة يتعرض لضرورة التّكيّف وفق السّياسات الامبرياليّة وغيرها من أشكال العنف.
ومن الواضح فان اللغة هي قضية هامّة جدا لكل دولة في العالم، وهي تعد عاملا أساسيّا إلى جانب عوامل أخرى مثل الاهتمامات المشتركة والوطن والعادات المشتركة والسّلامة الإقليميّة.
والمثال المميّز الغريب الّذي ينبغي التعامل معه هو الأمّة الشركسية، الّتي هي تتعامل مع النّتائج المؤلمة والصّعبة من خلال مراحل عدة من عواقب وخيمة والتي ابتدأت ولم تنتهي مع كونها ضحية لسلسلة طويلة من الحروب الدامية والاجراميّة والاحتلال الأجنبي والتطهير العرقي والإبادة الجماعية والنفي القسري لما يقارب 90 ٪ ممّا تبقّى من الأمّة الشّركسيّة بعد كل عمليات القتل ووحشيّة الحرب، في حين كان على 10 ٪ فقط مواجهة واقع الاحتلال وكل ما يتعلق به من آثار وحشيّة وشائنة.
أكثر من 144 عاما مرت منذ 21 أيار / مايو من عام 1864، وهو اليوم الذي اعلن رسميا لوقف الحرب الرّوسيّة-القوقازيّة والتي استمرّت 101 عاما، وأسفرت عن احتلال روسيا لكامل التّراب الشّركسي وشمال القوقاز، الّذي أدّى الى تقسيم وإعادة توزيع الأرض الشّركسيّة وفقا لاستراتيجيّة امبرياليّة واستعماريّة من الجشع والّتي تمّ تنفيذها ولا تزال تنفّذ لتغيير الوضع الأصلي وايجاد بيئة و ظروف وأوضاع جديدة والتي من شأنها أن تتعامل مع الحقائق الجديدة على الأرض.
انّ الممارسات أحاديّة الجانب و المهيمنة من قبل الحكومة الروسيّة من خلال نظام التّدريس، ومن مؤسّسات الدّولة تسببت في الاستيعاب والاندماج القسريّين وحرمت الشّعب الشّركسي في الوطن الأم من حقوقه الإنسانيّة.
انّ الاهتمام الكبير ينبغي أن يوجّه إلى تنفيذ السّلطات لسياساتها بنقل الملايين من المستوطنين غير الشّراكسة إلى الأراضي الشّركسيّة واستمرار معضلة النّفى القسري بالنسبة للملايين من الشّراكسة الذين يعيشون بعيدا عن الوطن الأم في عشرات من البلدان في جميع أنحاء عالم اليوم، الأمر الذي يسهم في تكثيف التمييز ضد الشّعب الشّركسي. ومع ذلك فانّ الشّراكسة الذين ما زالوا يعيشون في الوطن الأم لا يزالوا يعانون بعد سنوات، تحت وطئة احتلال وطنهم ولا يزالوا يعانون من جميع أشكال التمييز العنصري تحت الاحتلال الروسي، ويجب شجب أعمال السّلطات الرّوسيّة التي تستمر في تجاهل احترام الشّراكسة، الذين منعوا ظلما من ممارسة حقوقهم الوطنيّة المشروعة في تقرير المصير. انّ ادانة سياسات وممارسات الإبادة الجماعيّة والتّطهير العرقي ضد الشركس ينبغي أن يعترف به، مثل مصادرة أراضيهم والإبعاد وتشريد السّكان وتدمير ثقافتهم وحرمانهم من حقوقهم المدنيّة فضلا عن حقوقهم الثقافية والسّياسيّة.
والشراكسة الذين أجبروا على مغادرة الوطن الأم، كان عليهم أن يواجهوا كل مصاعب ومتاعب الحياة والبقاء في الأراضي المضيفة التي كان عليهم الهجرة اليها، الى جانب تحمّل مصائب وبلاءالبحر الأسود بما فيها الدّعوة المفتوحة إلى الأسماك وكذلك الأمراض والأحوال الجوية القاسية أثناء السفر بسفن قديمة وتالفة نتيجة للقدم وكذلك نتيجة للحمولة المفرطة لتلك السفن، الى ان انتهى بهم المطاف إلى التّعامل مع لغات وشعوب وأسياد وقضايا مختلفة وأحيانا كان للدفاع عن وجودهم كبشر.
الأمّة الشّركسيّة المنكوبة وعندما اجتمعت الظّروف فمهّدت وأعدّت ونفّذت للتّخلّص منها وإبادة وجودها، فانّ النّاجين المهلكين، ولكنّهم الأفراد والجماعات المؤمنين الّذين كان لهم طموح واحد في عين الاعتبار ألا وهو العودة إلى الوطن الأم، عندما تسمح الظروف والتي لم تتهيّئ حتى الآن في الطّريقة التي ينبغي مراعاة التّطوّرات الدّولية لتمكين كافّة الشعوب والأمم من استعادة واسترداد حقوقها وامتيازاتها المشروعة.
وبدون أي تنسيق مع الشّركس الآخرين في الشتات والوطن الام على السّواء، بحيث حدث تأخير وتأجيل لبضعة أشهر، فقد صدرت دعوة مشبوهة لعقد مؤتمر عن اللّغة الشّركسيّة (الأديغيّة)، وكانت ملفوفة في وسيلة لاظهارها كبادرة صدرت من السّفارة الرّوسيّة في عمان، الأردن وبالتعاون مع "الجمعيّة الخيريّة الشّركسيّة"، وتحت الرّعاية الملكيّة لملك الأردن، من أجل جذب الاهتمام وفي الوقت نفسه لتجنّب النّقّاد من التّيّار الوطني الشّركسي الّذي يدعو إلى علاقة متوازنة مع سلطات الاحتلال الرّوسيّة، والتي يمكن التعامل معها وفقا للنّدّيّة والشّفافيّة، وبطريقة تبيّن حاجة الشّركس لمعالجة القضايا التي تهم كامل القضيّة الشّركسيّة، بدءا من نتائج الحرب في العام 1864 والتي تتضمن ولكن بنفس الوقت تتوقّف مع عودة الأمّة المنفيّة الى الوطن الام.
وهناك تركيز من جانب الحكومة الرّوسية على الشّتات الشركسي في الأردن للقيام بلعب لعبة من العلاقات العامة من خلال حذف ونسيان قضايا هامّة مثل الهويّة الشّركسيّة وحقوق الإنسان، في حين يقوموا بالتّركيز على مسألة أقل أهميّة مثل الّلغة في هذه الحالة، في حين ان سلطات الاحتلال الرّوسيّة في شمال القوقاز، وتحديدا في شركيسيا لا تسمح باستخدام الّلغة الشّركسيّة في المدارس والجامعات! فما هو اذن هذا النوع غير السّليم وغير المناسب للعلاقات العامّة باظهار عكس ما طبّقته السّياسات الرّوسيّة الحقيقيّة في الماضي ومازالت تنفّذه في الوقت الرّاهن؟
ممّا ظهر جليّا أعلاه، فانّ استنتاجا منطقيّا من شأنه أن يحدّد الأولويّة المعقولة لحل "القضيّة الشّركسيّة"، من خلال حماية الهويّة الشّركسيّة والسّلامة الوطنيّة لجميع الشّراكسة سواء كانوا في الوطن الأم أو في ديار الاغتراب، ولإعطاء الأولويّة لجميع الاهتمامات التي من شأنها حماية الأمّة الشّركسيّة. كان من الممكن أن يراعى ذلك لو أنّ القيادة الرّوسيّة قد استمعت إلى صوت العقل والّذي ورد ذكره في الرّسالة الرّسميّة والمؤرّخة بتاريخ 22 شباط 2007 والموقّعة من قبل السّيد اسحق مولى رئيس الجمعية الخيريّة الشّركسيّة، وقدّمت خلال زيارة رسميّة قام بها الرئيس بوتين للأردن في ذلك الوقت، وهو حاليّا رئيس الوزراء الروسى خلال المرحلة الحالية، والرّسالة اختارت كلمات مهذّبة ومعقولة لمعالجة القضايا الشّركسيّة وبطريقة مختصرة. وذكرت الرّسالة أن "المتحدّرين من الشّراكسة الّذين تعرّضوا لمأساة تاريخيّة والّتي أدّت إلى إجبارهم على الهجرة من وطنهم الأم في (شمال القوقاز) قبل قرن ونصف تقريبا". وأضافت الرسالة أن "سمتا الاشتياق والحنين للوطن وللجذور مرافقتان للشّعوب في كل مكان وزمان وهذا هو الحال مع الشّراكسة اليوم، ولتذكّر " Osh'ha Mafa "(جبل ألبروز) وهو الّذي تحكي جميع الأساطير أنّ الآلهة تسكن فيه، وليس من المستغرب إذن، أن يحتفظ الشّركسي بجبال القوقاز بقلبه أينما يذهب وأينما يقيم". وقدّمت الرّسالة أيضا طلبا من أجل "حق العودة والمواطنة في منطقة القوقاز، أرض الأجداد، والّتي هي مصانة بموجب القانون رقم 637 والمؤرّخ بتاريخ 22 تمّوز 2006 والّذي تم توقيعه من قبل الرئيس الروسي نفسه، ليكونوا بالامكان قادرين على العودة الى القوقاز بصفتهم مواطنين كاملي الأهلية يتمتّعون بكامل حقوق المواطنة، ويلتزمون بكل الواجبات الّتي تفرضها عليهم المواطنة".
أين هو الرد على الرّسالة الرّسميّة، على الرغم من أنّ بعض رؤساء الجمهوريّات المقامة من قبل روسيا في القوقاز قد شهدوا على نقل وإيصال الرّسالة إلى القيادة الروّسيّة؟ أين هو تنفيذ ما جاء في "مذكّرة التّفاهم" والّتي تمّ توقيعها في 11 شباط 2007، وتمّ تصديقها من قبل رئيس جمهورية الأديغييه ورئيس جمهورية قاباردينو - بالقاريا ورئيس الجمعيّة الخيريّة الشّركسيّة في الأردن، وشملت 7 نقاط رئيسيّة، ولم يوضع أي منها موضع التّنفيذ؟
انهّ مطلوب من جميع الدّول والحكومات لحث الحكومة الرّوسيّة للبدء في عمليّة تعويض الشّعب الشّركسي لقاء التّدمير الّذي حلّ بوطنهم في القرون الأخيرة. والمنظومة النّمطيّة العنصريّة استمرّت في رفض السّماح للشّراكسة في المنفى من ممارسة حقّهم المكفول بموجب القانون الدّولي من العودة إلى ديارهم الأصليّة. وفيما يتعلّق بحق العودة، فانّ الشّراكسة في المنفى أيضا لهم حق واضح بموجب القانون الدّولي لتلقّي تعويضات كاملة عن ممتلكاتهم. وعلاوة على ذلك، فإن القانون الدّولي ينص على أن الشّراكسة الّذين يختارون عدم العودة فيحق لهم الحصول على التّعويض الكامل عن كل الخسائر. ورفض روسيا منح الشّراكسة المنفيّين حقهم في العودة وكذلك غيرها من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وانتهاكات القانون الإنساني من شأنه أن يزعزع استقرار كامل منطقة شمال القوقاز ويؤثّر على السلم والأمن في العالم.
انّ ألعاب نشر وتعميم مثل هذه اللفتات بمحتويات فارغة، هي معرّاة ومكشوفة لكل من يهمّه الأمر في معرفة ما هي الحقيقة. لا يمكن لأيّ امرىء أن يشعر بالرّاحة والأمان في حين يوجد ثعبان سام يتعلّق بأنحاء جسمه، حتى لو كان جلد الثّعبان دافئا وناعما! انّ ذلك ليعتبر قليلا جدّا ومتأخّرا أكثر مما ينبغي... يترتّب على الشّراكسة أن يعرفوا كيفيّة الوصول إلى أهدافهم عن طريق تحديد وتمييز أولويّاتهم بدءا من معالجة مسألة الإبادة الجماعيّة، ولأغراض اختيار أفضل الأساليب التي تحفظ وتصون هويّتهم الوطنيّة وذلك لخلاصهم. وهناك قضايا تحتاج إلى الاضطلاع بها والتي تحتاج إلى توضيح، وذلك بتمهيد الطريق للحصول على واختيار الأسلوب المناسب والصحيح لاستعادة الحقوق المسروقة والمصادرة، وذلك اعتمادا على القانون الدّولي و الإعلان العالمي لحقوق الإنسان و ميثاق الأمم المتحدة بالاضافة الى قرارات لجنة المسائل السّياسيّة الخاصّة وانهاء الاستعمار المنبثقة عن الجمعيّة العامّة للأمم المتّحدة وذلك للحاجة لادراك الحقوق المشروعة في حق تقرير المصير وحرّية الاختيار.

ايجل
24 – سبتمبر/أيلول - 2008

الاثنين، 22 سبتمبر 2008

مذكّرة تفاهم بين الاغتراب الشّركسي في الأردن ورؤساء الجمهوريّات الشّركسيّة

مذكرة تفاهم

حول نتائج المحادثات التي جرت بين أعضاء وفد جمهورية الأديغيا
وجمهورية كباردينا بلكاريا والجمعية الشركسية في الأردن

عمان في: 11/2/2007

أشار المشاركون في اللقاء إلى ضرورة التعاون بين الشتات الشركسي في الأردن والوطن الأم الممثل بجمهوريات شمال القوقاز في روسيا الفيدرالية والعمل في الاتجاهات التالية:

· العمل على تأمين الظروف الأكثر ملاءمة للإخوان في المهجر عند دخولهم أراضي روسيا الفيدرالية بهدف الإقامة الدائمة أو الاستثمار في اقتصاد جمهوريات شمال القوقاز والحصول على التأشيرة أو الإقامة المؤقتة أو الجنسية الروسية.

· الحصول على امتيازات وضمانات حكومية لشراكسة المهجر عند إقامة مشاريع صناعية وزراعية وشركات بناء وإسكان ومشاريع تجارية.

· تسهيل القوانين وشروط امتلاك الأراضي بما فيها أراض زراعية ومشاريع سياحية مع حق الامتلاك والاستغلال والتأجير وإعلام الشراكسة في المهجر بها.

· دراسة موضوع فتح خط جوي إضافي بمعدل رحلة أو رحلتان شهريا بين نالتشك وعمان أو تأمين نقطة هبوط إضافية في أحد مطارات منطقة شمال القوقاز (نالتشك أو مينرالنيه فودي) في خط موسكو-عمان-موسكو، وذلك بالتنسيق مع جمهوريتي كباردينا بلكاريا والأديغيا.

· التنسيق مع الجهات المعنية في مسألة تسهيل الإجراءات الخاصة بمرور الركاب والأمتعة اليدوية وتسريع الإجراءات الحدودية والجمركية في مطار نالتشك.

· تشكيل لجنة مشتركة بين الجانبين لتحديد الإجراءات اللازمة للعمل في النقاط السالفة الذكر على أن تلتئم بما لا يقل عن مرة واحدة كل 6 أشهر.

· يلتزم الجانبان بالتعاون في وضع الإجراءات اللازمة لتحقيق الأهداف المذكورة في هذه المذكرة.

رئيس جمهورية الأديغييه رئيس الجمعية الخيرية الشركسية
أ.ك تخاكوشينوف في الأردن
إسحاق خالد مولا
رئيس جمهورية كباردينا بلكاريا
أ.ب كانوكوف

رسالة الاغتراب الشّركسي في الأردن الى فلاديمير بوتن

بسم الله الرحمن الرحيم

فخامة الرئيس فلاديمير بوتين الأكرم
رئيس جمهورية روسيا الاتحادية
عمّان 11/2/2007م
تحية واحتراماً،

نرحب بفخامتكم أجمل الترحيب في ربوع الأردن، البلد الذي أحب دائما روسيا الاتحادية ويحبها اليوم، لمواقفها المشرفة في نصرة قضايا الحق والعدالة، كما يقدر كل الأردنيين جهود فخامتكم في السعي إلى إرساء قواعد الديمقراطية والكرامة واحترام الآخر في روسيا الحديثة.

نحن يا صاحب الفخامة أحفاد الشراكسة الذين تعرضوا لمأساه تاريخية أدت إلى تهجيرهم من وطنهم الأم (شمال القفقاس)، قبل حوالي قرن ونصف من الزمن.

لقد أسس أجدادنا في ظل القيادة الهاشمية حياة رغيدة في الأردن بجهودهم وتضحياتهم، كما وجدنا من الأردنيين من مختلف المنابت والأصول الحب والاحترام وبنينا معا هذا البلد الرائع الذي يسعد اليوم بقدومكم.
لكن، وكما تعلمون فخامتكم، فإن حب الأرض والحنين إلى الجذور صفة تلازم الشعوب في كل زمان ومكان، وهذا هو حال الشراكسة اليوم، الحنين إلى "أوشحه مافه" (البروس)، الذي تروي الأساطير أن الآلهة تسكنه ولا عجب فالشركسي يحمل جبال القفقاس في قلبه أينما ارتحل، وحيثما وجد.

يا صاحب الفخامة،

يدفعنا هذا الواقع إلى التقدم منكم بطلب عزيز على قلوبنا، وكلنا أمل في أن تستجيبوا له وهو إعادة حق العودة والمواطنة في القفقاس أرض الأجداد والذي يحفظه القانون الصادر عن فخامتكم رقم 637 بتاريخ 22/7/2006م، لنعود إلى شمال القفقاس مواطنين كاملي الأهلية يتمتعون بكامل حقوق المواطنة، ويلتزمون بكل الواجبات التي تفرضها عليهم تلك المواطنة.

نتمنى لفخامتكم موفور الصحة والسعادة، وللشعب الروسي الصديق اطراد التقدم والازدهار.

وتفضلوا بقبول فائق الاحترام

رئيس
الجمعية الخيرية الشركسية
إسحاق خالد مولا

السبت، 20 سبتمبر 2008

أوكرانيا تحتاج طبقة سياسية جديدة

أوكرانيا تحتاج طبقة سياسية جديدة

إيغور سوبوليف الحياة - 17/09/08//

يعود السبب الرئيسي الذي كانت أوكرانيا تخسر استقلالها جراءه تارةً لمصلحة الروس وتارةً للبولنديين الى نوعية طبقتنا السياسية الرديئة. والحس الوطني مفقود بأوكرانيا، على خلاف ما هي عليه الحال في روسيا. فالحكم في الكرملين، على اختلاف أنواعه وضروبه، يقمع أي محاولة انفصال محلية بالقوة. وفي جورجيا، أخذ الفريق المعارض لساكاشفيلي، الرئيس الجورجي، موقفاً وطنياً مشرفاً. وأعلنت المعارضة تعليق نشاطاتها أثناء الحرب، صوناً لوحدة البلاد.

ولكن هل من المحتمل أن يحذو سياسيو أوكرانيا حذو نظرائهم الجورجيين، في حال واجهت أوكرانيا حرباً مماثلة؟ والأغلب على الظن أن الجواب سلبي. وعليه، أقترح الامتناع من الاقتراع للائتلاف البرتقالي الحاكم. فهو لم يعد على سابق عهده عشية الثورة البرتقالية، في 2004.

وأثبتت التجارب أن ليس في مقدور يوليا تيموشنكو، رئيسة الوزراء الأوكرانية، وفيكتور يوشنكو، الرئيس الأوكراني، العمل متعاونين متحالفين. فصدقت توقعات فيكتور يانوكوفيتش، رئيس حزب المناطق الموالي لموسكو، عشية إعلان الائتلاف الحاكم.

ولا أدعو الى الاقتراع ليانوكوفيتش. فنحن في حاجة ماسة إلى طبقة سياسية جديدة للخروج من مستنقع الخيارات السياسية الراكدة. ونحتاج إلى طبقة سياسية جديدة يرفدها رجال الأعمال، والحقوقيون، والخبراء وغيرهم. ومن المفترض أن تسعى هذه الطبقة ليعيش أولادها وأحفادها عيشاً كريماً وهانئاً في بلدهم.
وهذا النوع من الأشخاص لا ينبت بين ليلة وضحاها. ولكنه ينشط في مناطق مختلفة وبعيدة، وفي مجالس البلديات ومجالس المناطق. والأشخاص هؤلاء بعيدون من الدوائر السياسية المعهودة. وتعرقل عصبية الأحزاب القبلية، والإعلام المرتزق، والقوانين البالية بلوغهم هذه الدوائر. ويجب إزالة المعوقات والعراقيل، والسماح للمستقلين بالترشح الى الانتخابات النيابية خارج اللوائح الحزبية الكاملة. وتفوق أهمية الإجراءات هذه سياسات تخفيض الضرائب ورفع الأجور. فهذه الإجراءات هي السبيل الوحيد الى التغيير.

سيدي الرئيس يوشنكو! وعدتنا قبل الانتخابات بأن تنزع الحصانة النيابية وتلغي التقديمات الاستثنائية للطبقة الحاكمة. ولذا، نتمنى عليك أن تعقد مؤتمراً صحافياً واحداً تخبرنا فيه أين أصبحت مشاريع القوانين هذه عوض الانصراف الى تهمة رئيسة الوزراء بالخيانة العظمى. وحضرة الرئيسة تيموشنكوّ لقد انهالت علينا وعودك بإلغاء الضريبة على القيمة المضافة، فلماذا لا نزال ندفعها الى يومنا هذا؟

وأتوجه بالسؤال الى يوري لوتسنكو، رئيس كتلة «الدفاع الشعبي»، وهي جزء من الائتلاف الحاكم. فهل شاهد الفيديو الذي نشر على مواقع الإنترنت، والذي يظهر أفراداً من شركة أمن خاصة يعتدون على مواطن يتظاهر ضد أعمال البناء التي تقوم بها هذه الشركة، على مرأى من أنظار الشرطة؟ وفي حال لم تتراجع الشرطة عن حيادها، وتتدخل لفرض القانون، قد تضطر يا سيد لوتسنكو إلى التنازل عن اسم كتلتك، «الدفاع الشعبي»، للمواطنين العاديين الذين سيدافعون عن حقوقهم بأيديهم.

عن «كوريسبوندنت» الأوكرانية، 13/9/

سياسة بوتين واستراتيجيته على منعطف حاد يتولاه ميدفيديف

سياسة بوتين واستراتيجيته على منعطف حاد يتولاه ميدفيديف

فيودور لوكيانوف الحياة - 17/09/08//

يمكن حمل الاعتراف باستقلال أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية على انعطاف في نهج السياسة الروسية الخارجية. ولاحظ مراقبون كثر أن سلوك موسكو يناقض المواقف التي صاغها برنامج السياسة الخارجية الذي كان صادق عليه الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف في 12 تموز (يوليو) 2008. والوثيقة التي اعتمدت، واحتفل بها، عاشت شهراً ونصف الشهر لا غير. وهي على وشك أن تعدل بصورة جوهرية. وهذا التعديل يطاول طريقة النظر الى الشؤون الدولية، والى معالجتها معاً.

وتغيرت تغيراً مدهشاً نبرة صوت الرئيس الروسي. فنتيجة انخراطه في أزمة عسكرية – سياسية، أخذ يقلد مرشده فلاديمير بوتين. فيقول مثلاً: «السياسيون البشعون» بجورجيا. ولكن تصريحاته، عموماً، تختلف نوعياً عن تلك التي كان يدلي بها الرئيس السابق. فهو يزعم أن أفعال المسؤولين الروس وحدها تصدر عن حسابات باردة، وأن همهم مساعدة الناس الذين تعرضوا للكارثة، ولا دوافع أخرى تحدوهم، ولا يخيفهم شيء حتى نشوء «حرب باردة». وأما الشركاء الغربيون فهم «إذا اختاروا أساليب المواجهة، عليهم أن يعرفوا أننا اختبرنا ظروفاً متنوعة، وفي إمكاننا ان نعيش هكذا». ويضيف ميدفيديف ان روسيا تراقب بانتباه مواقف شركائها الغربيين، ولكن جوهر الأمر هو أن أحدنا يمكن أن يقول للآخر «الى اللقاء»، وهذا ليس مأساة، وأما «مجموعة الثماني» فليس في امكانها، عملياً، أن تكون فاعلة من دون روسيا، لذلك لا خشية من استبعادها، وإذا ما رغب الشركاء الغربيون في ذلك، فإننا «لا نحمل الأمر على مأساة، ولا نتوقع تعقيدات جراء قطع العلاقات».

ولعل الأقوى تعبيراً أجوبته في بعض الحوارات. فحين يسأل، مثلاً، عمَّ يريد قوله على وجه التحديد، يجيب: «فقط ما قلته». وإذا سئل عن رد المسؤولين الروس عن قلق الجيران الأقرب لروسيا، أجاب: «لن نرد على أي قلق أو خوف تظهره جهة أو طرف».

وأجوبة ميدفيديف تختلف اليوم عن أجوبة بوتين الاعتيادية، وعن أجوبته هو قبل الحوادث، فهو لا يبدي رغبة في شرح المسألة التي يتكلم فيها، أو في اقناع أحد. والعبارات المتماسكة الصادرة عنه تخلق انطباعاً بأن لا جدوى من توضيح القول، ولا ضرورة تدعو الى الشرح. فمن له أذن فليسمع.

والفرق بين الرئيسين يظهر بوضوح في المقارنة بين أقوال ميدفيديف الى محطات التلفزة الأجنبية، وأقوال بوتين في المقابلة الطويلة والوحيدة التي أجرتها معه محطة CNN. فهذا يلجأ في أدواره التمثيلية الى استخدام المجازات في التعبير، ويظهر رغبة حادة في أن يسمع الحاضرون ما يقول، وفي شرح ما لا يعرفونه أو يفهمونه. ومن الأمثلة على ذلك شرحه الطويل والمرهق لتاريخ المنازعات على أرض جورجيا منذ القرن السابع عشر، وانتقاد Fox News على تحاملها.

ويمكن القول ان نموذج بوتين أدهش المحاورين الغربيين بذاكرته القوية، ورد فعله السريع، وبمعرفته الجيدة بالموضوع الذي يتحدث فيه. ويتعمد بوتين الصدمة في سبيل فتح ثغرة جدار في اللامبالاة المهذبة بحججه وبراهينه. ومن الأمثلة على ذلك خطابه في مؤتمر ميونيخ. فالقفاز الذي رماه لم يتناوله مجيب، ولم يرغب أحد في مناقشة تتناول المسائل الملحة والموجعة. وحمل المستمعون حملته محلها بطريقة نظر المجتمع اللائق الى شخص سيء التربية، طائش وغير متزن وغريب الأطوار.

ولا يقتصر الفرق بين الرئيسين على صفات كليهما الشخصية. ففلاديمير بوتين أنهى ولايته بنبرة عالية ضد الغرب. وهذا لم يكن هدفاً متعمداً. فمنذ البدء طمح بوتين الى انخراط روسيا في النظام العالمي، اقتصادياً وسياسياً. ولكن شروط الانضمام وظروفه تغيرت. والحاجات والمطالب تعاظمت وازدادت. وجلي أن نهج السياسة الروسية افتقر الى اللباقة والمتانة.

ولكن الكرملين، في المجال الاستراتيجي، لم يمتنع من المشاركة في «لعبة الأمم». فمناقشة قيم الديموقراطية ونماذجها انتشرت واتسعت، وأقبل الناس عليها وتوسل بوتين المناقشة هذه الى الحماية من «وباء الثورة البرتقالية» في أوكرانيا، وسعياً في اثبات الحق في انتهاج طريق «خاص» للوصول الى بناء مجتمع عصري حديث.

وفي الأيام الأولى لحوادث جورجيا وأظبت موسكو على تقليد سيناريو كوسوفو. وتعليل أسباب تدخل الجيش، وطريقة وصف الوضع، والخطوات المقترحة، بعثت إجراءات 1999، وتدابير الغرب في سبيل سلخ جزء من الأراضي الصربية. ويبدو أن الكرملين كان يأمل من الولايات المتحدة وأوروبا تفهمهما خطوته ومنطقها الذاتي. غير أن هذا لم يحصل. ولم يصدق أحد روسيا. وصدم دعم المجتمع الدولي ميخائيل ساكاشفيلي المجتمع الروسي، والطبقة السياسية الروسية. واتضح أن انتهاج طريقة كوسوفو (أي اتخاذ قرار في مجلس الأمن الدولي يمنح السيادة للأراضي المتنازعة والإقرار بعدم جدوى إجراء مفاوضات، والاعتراف بالاستقلال) لن يمر، ولن يقبل به أحد، على رغم الشبه بالحال اليوغوسلافية.

وإذ ذاك حصل التحول والانعطاف المهمان: فالرغبة في اختراق ديبلوماسي حل محلها العمل المنفرد، والاعتماد على النفس، وترك انتظار الاتفاق أو التنسيق مع الأطراف الأخرى. وذهب ديميتري ميدفيديف الى ان هذا القرار نهج مستمر، ولا يتعلق بالظروف السائدة حالياً، بل ينبغي اعتباره نموذجاً سياسياً جديداً. وهذا يعني ان «الشراكة الاستراتيجية» التي تواتر طلبها في الـ 15 سنة الأخيرة ألغيت. والأولوية انما هي للاستراتيجية المنفردة أو المستقلة. ولم تعد تطرح مسألة التكامل، بينما برز هدف أساسي هو تحصين مجال النفوذ الروسي، والسيطرة على المواقع للقيام بدور «القطب المستقل» في عالم متعدد القطب. وكل ذلك يجهره ميدفيديف في المبدأ الخامس من مبادئ السياسة الخارجية في شأن المناطق ذات «الأهمية المميزة».

ومعنى هذا أن السياسة الروسية لم يعد الغرب أولويتها. وهي كفت عن النظر الى الإجراءات من خلال تأثيرها في العلاقات بأوروبا والولايات المتحدة. وهذا النهج يطوي سياسة بوتين.
عن «روسيا في غلوبالنوي بوليتيكي» الروسية، 4/9/2008