الجمعة، 31 أكتوبر 2008

الكونغرس الشّركسي يؤسّس موقعا ألكترونيّا عن الابادة الجماعيّة الشّركسيّة

الكونغرس الشّركسي يؤسّس موقعا ألكترونيّا عن الابادة الجماعيّة الشّركسيّة
أعلن الكونغرس الشّركسي في مايكوب عن تأسيس موقع ألكتروني يعني بشؤون الابادة الجماعيّة الّتي تعرّض لها الشّراكسة خلال الحرب الرّوسيّة-القفقاسيّة الّتي فرضت على الأمّة الشّركسيّة وأمم شمال القوقاز الأخرى، وذلك بداية باللّغة الرّوسيّة.
ويمكن زيارة الموقع وكذلك استعمال مترجم غوغل للتّرجمة الفوريّة لاستنباط فكرة عن محتويات الموقع:

الحياة: جيش روسي جديد يخوض حروباً حديثة

جيش روسي جديد يخوض حروباً حديثة

إيفان كونوفالوف الحياة - 29/10/08//

أعلن اناتولي سيردوكوف، وزير الدفاع الروسي عن مباشرة اكثر الإصلاحات جذرية في المؤسسة العسكرية الروسية، منذ انهيار الاتحاد السوفياتي الى اليوم. وتبدو مهمة الوزير صعبة. ولا يقتصر التحدي على إقالة جنرالات لا يحتاج الجيش إليهم. وهذه خطوة أخفق في إبرامها أسلافه من أمثال بافيل غراتشوف وسيرغي ايفانوف، بل يتعداه الى تقليص عدد قيادات أركانه الى النصف، وإعادة تأهيل فرق الجيش وأفواجه، وإعادة بناء هيكلية الجيش الموروثة من الحقبة السوفياتية. واكتفى وزراء الدفاع الروس السابقون باتخاذ إجراءت بسيطة، على غرار دمج القوات الجوية في قوات الدفاع الجوي، وإخضاع طيران الجيش لأوامر القوات البرّية وضم الوحدات المرابطة في شبه جزيرة كامتشاتكا الى الاسطول. وانتهى الجيش الروسي في 2008 الى آلة ضخمة سوفياتية الطراز وبالية تفتقر الى عدة خوض حرب شاملة.
وأولى المحاولات الجادة لإصلاح الجيش الروسي هي تلك التي قام بها رئيس هيئة الأركان العامة الاسبق، يوري بالويفسكي، في عهد الوزير السابق سيرغي ايفانوف. وبدأ بالويفسكي إنشاء ثلاث قيادات استراتيجية، وهي القيادة الجنوبية، والقيادة الشرقية، والقيادة الغربية. ولم ينجح بالويفسكي في إقرار هذه الإجراء، فهو أقيل بعدها من منصبه.
ويبدو أن مشروع تحديث الجيش نضج في مطبخ القرارات السياسية العسكرية. ويرمي هذا المشروع الى تعديل خطة بالويفسكي، واستبدال سلم التراتبية السابق، أي «منطقة عسكرية وجيش وفرقة وفوج» بتراتبية جديدة هي «منطقة عسكرية وقيادة عمليانية ولواء». وبحسب مصدر في وزارة الدفاع الروسية، لم تضرب مواعيد تسريح الفرق والأفواج بَعد. ويدرك جنرالات كثر أن الخطة سائرة الى التطبيق، مهما كانت الظروف.
ولا شك في أن تغير الأوضاع في محيط روسيا وفي الداخل الروسي، عبّد الطريق الى إصلاح جذري شامل في المؤسسة العسكرية. وهو إصلاح عارضه صقور الجيش والحكومة طوال أعوام. ويرى الجنرال ايغور روديونوف، وزير الدفاع الروسي السابق، ان الانعطاف مرتبط بالحرب الأخيرة بأوسيتيا الجنوبية. فالقيادة الروسية استخلصت من الحرب الأخيرة أن الوحدات العسكرية الصغيرة، المدربة والمجهزة وسريعة الحركة، هي مقدمة الانتصار في النزاعات الحديثة.
ويرى الخبراء ان عمليات تحديث بنية الجيش تفترض زيادة عدد الضباط برتبة الملازم وملازم الأول في القوات المسلحة الى 60 الف ضابط، قبل 2012، وتقليص مناصب الضباط الكبار الى أقل من النصف. وأوضح الوزير ان هدف هذا التدبير هو تعيين «قادة حقيقيين لوحدات حقيقية»، و «موظفين برتبة مديري مستودعات». ومن المتوقع أن يقلص عدد الجنرالات من 1100 جنرال إلى 900 جنرال، وعدد عناصر هيئات وزارة الدفاع المركزية وأجهزة القيادة العسكرية، ويبلغ عددهم الإجمالي 21813 عنصراً، الى 8500 عنصر.
وبحسب مصدر في وزارة الدفاع، يبعث قرار تقليص عديد الجيش على الغضب في أوساط تيار محافظ من الضباط الذين ألفوا النظام القديم. وينبّه المصدر الى أن لا عودة عن مسيرة الإصلاح، وأن القرار أقرته قيادة الدولة. وقد يلقى «الصقور وأصحاب الرؤوس الحامية» مصير المسرحين. ونظم وزير الدفاع لقاءات توضيحية مع ممثلي رئيس الدولة في الأقاليم لتفادي الأخطار السياسية والاقتصادية والاجتماعية المحتملة المترتبة على عملية التقليص المقبلة. ويرى فيتالي تسيمبال، مدير مختبر الاقتصاد العسكري في معهد الاقتصاد الانتقالي، ان حل مشكلات الجيش يقتضي تأمين نقل سريع للوحدات الصغيرة على مسرح حرب شاسع. ويقول الكسندر خرامتشيخين، رئيس قسم الدراسات العسكرية في معهد الدراسات العسكرية والسياسية: «إذا كان الطيارون في طيران النقل، وأفراد قوات الإنزال، خاضعين لقادة مختلفين، على ما هي الحال في الجيش الروسي، حريّ بنا أن نتراجع عن خطة « الرد السريع». فعملية تطوير الجيش تفترض تغييراً لا غنى عنه في شكل الهيئات القيادية وتركيبتها.

عن إيفان كونوفالوف، «كومرسانت» الروسية، 25/10/2008

الخميس، 30 أكتوبر 2008

الجزيرة: الرئيس الروسي يقبل استقالة رئيس أنغوشيا

الرئيس الروسي يقبل استقالة رئيس أنغوشيا

مراد ضيازيكوف رأس أنغوشيا منذ 2002(الفرنسية)قال المكتب الصحفي
في الكرملين في بيان إن الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف قبل استقالة رئيس جمهورية أنغوشيا مراد ضيازيكوف، ولم يورد المكتب معلومات إضافية عن مسببات الاستقالة.

وكانت وكالات الأنباء الروسية قد ذكرت في بادئ الأمر أن ميدفيديف أقال

ضيازيكوف لكن الأخير نفى ذلك، وقال لوكالة إنترفاكس للأنباء "استقلت بمحض إرادتي لكي ألتحق بعمل آخر في موسكو".

وقد تزايدت أعمال العنف بين قوات الأمن والمسلحين الذين تصفهم روسيا بالمتمردين في الأنغوش هذا العام، ويقول بعض المحللين السياسيين إن المنطقة المتاخمة لحدود الشيشان باتت على شفا حرب أهلية.

وكان ضيازيكوف الذي يرأس جمهورية الأنغوش منذ عام 2002 وهو ضابط سابق برتبة كولونيل في المخابرات السوفياتية السابقة قد قال لمجموعة من الصحفيين الأجانب الأسبوع الماضي إن أنغوشيا ليست على شفا حرب أهلية.
المصدر:
وكالات
http://www.aljazeera.net/NR/exeres/881D22B0-F02B-4F07-A614-D0D2BCCCF46D.htm

نافذة على أوراسيا: عدّة مناطق روسيّة ستكون أفضل حالا لو كانت مستقلّة، دراسة

29 تشرين الأوّل / أكتوبر 2008
بول غوبل
فيينا ، 29 تشرين الاول / أكتوبر - المنتدى الاقتصادي العالمي دافوس قام بتصنيف البلدان من حيث قدرتها التنافسية على الصعيد الدولي لفترة طويلة؛ الآن، ولأول مرّة قام الباحثون الرّوس بتطبيق المقياس على 38 من مناطق روسيا ووجدوا انّه لو كان العديد منها قائما كدول مستقلّة، لكان ممكنا أن يكونوا أفضل حالا من روسيا نفسها ككل.
انّ مقياس دافوس يصنّف الفيدراليّة الرّوسيّة ككل في المرتبة 71، ولكن عندما قام مركز بومان للابتكار ومركز موسكو للدّراسات الاستراتيجيّة باختبار مناطق روسيا بشكل فردي، فقد وجدت أن (اقليم) نوفوسيبيرسك أوبلاست وتتارستان وموسكو أوبلاست جاءت بمرتبة أعلى بكثير وعلى المراتب 45 و 47 و50 على التّوالي (www.gazeta.ru/politics/2008/10/21_a_2861435.shtml). واضاف "اذا قامت [هذه المناطق] بالعيش بمفردها،" أشارت الدّراسة، "عندئذ فأنها ستقارن قدراتها تنافسيّا مع الآخرين على النحو التالي: نوفوسيبيرسك أوبلاست ستقارن مع قبرص وتركيا (45 و46 حسب تصنيف دافوس)و تتارستان مع "هنغاريا" المجر (المرتبة 47) وموسكو أوبلاست مع كوستاريكا (في المرتبة 50). "بالتّأكيد، من 38 من التّابعين للاتحاد الّذين تمّ تقييمهم بهذا النّسق، فانّ 33 منها جاءت نتائجها أفضل من الاتّحاد الرّوسي ككل حسب هذا التّقييم من القدرة التنافسية للدّولة.
وقد جاءت تشيليابينسك وكالينينغراد واستراخان وسفيردلوفسك ومقاطعة تومسك واقاليم كراسنودار وبيرم وسان بطرسبورغ كانت جميعها من بين الذين فاقوا الترتيب الرّوسي.
ومن بين تلك الّتي جاء تصنيفها دون هذا المقياس كانت أقاليم تولا وتفير وقباردينو-بلقاريا وقراشيفو-شركيسيا وأديغييه، الّتي تراوحت قدراتها التنافسية على التوالي من مصر وقازاخستان وأفضل من أذربيجان وباكستان وبلغاريا في الطرف الأدنى على التّوالي.
(المحلّلين الرّوس الذين أعدّوا هذه الدراسة أجروا مقابلات مع أكثر من 4000 من المسؤولين ورجال الأعمال، لكنهم قرّروا عدم شمول مدينة موسكو معها. وفي رأيهم، "العاصمة مميّزة جدا وبالتّالي تتطلّب دراسة منفصلة."انهم وعدوا باعداد ونشر واحدة في المستقبل.)
من جهة أخرى، فانّ هذا الاختلاف بين المناطق يجب ألّا يفاجئ أحدا. بشكل تقريبي فانّه حسب التّعريف، يوجد في الاتّحاد الرّوسي كما هو الحال في كل بلد آخر، بعض المناطق سيأتي ترتيبها أعلى من المتوسط الوطني بسبب تطوّرات جغرافيّة وتاريخيّة و اقتصاديّة مختلفة وبعضها سوف يحل في مرتبة أقل.
ولكن من ناحية أخرى، فإن ظهور مثل هذه القياسات وحتى أكثر من ذلك، يعتبرادراكا عارما للواقع الّذي ينعكس ويمكن أن يؤدّي الى عواقب سياسية من المد والجزر في السّلطة بين مركز ومحيط الاتّحاد الرّوسي في الوضع الحالي. (www.barentsobserver. com/russian-regions-doing-better-than-russia.4522253-16149.html).
مع أنّ صحيفة "غازيتا" أوحت بأنّ الدّراسة تؤكّد بانّ الطرق العضوية في الاتحاد الرّوسي ككل تعمل لصالح هؤلاءأعضاء الاتّحاد الّذين هم وضعهم أفضل من المتوسط للدّولة ككل، وأشارت الصحيفة الموسكوفيّة إلى أنّه "يمكن للمرء أن يعتبر [نتائج هذا البحث] لتكون ترنيمة لنزعة الانفصال".
بالطّبع، وفي المحيط الحالي هناك كثير من المحللين يميلون الى القيام بذلك تماما. أحد المعلّقين الرّوس هذا الاسبوع على سبيل المثال أشار كما أشار العديد منهم في الماضي أن انخفاض سعر النفط والغاز في أواسط الثّمانينات أدّى في نهاية المطاف إلى تقويض وتدمير اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية (www.ari.ru/doc/؟id=3169).
وكان ذلك الأثر، أضاف، وذلك لأنّ جمهوريات وطنيّة مختلفة خلصت إلى أنه يمكن أن يكون وضعها على نحو أفضل منفردة اقتصاديا وكذلك سياسيا. وبالتالي، فإن المحلّل الموسكوفي قال، انّ بعض المناطق في الفيدراليّة الرّوسيّة – سواء ذات أغلبيّة عرقيّة روسيّة وكذلك غير الرّوسية - يمكن أن تستنتج نفس النتيجة الان، وذلك نظرا لانخفاض أسعار النفط والغاز.

كتب من قبل بول غوبل

الأربعاء، 29 أكتوبر 2008

القضيّة الشّركسيّة

القضيّة الشّركسيّة
هناك العديد من المسائل التي يتوجّب معالجتها عند القيام بالوصف الدّقيق لتشكيل مشهد متكامل عن أي موضوع من شأنه أن يشرح الموقف والظروف من كافّة الأبعاد والاحجام، وذلك من أجل ان يتفهم الفرد العادي وان يعرف الوضع الكامل والذي سوف يقدم رؤية جليّة ومفهومة والّذي من شأنه أن لا يترك أي إستفسار غير مجاب عليه من أجل أن يعكس ذلك وضعا غير مشكوك فيه ويعرض المسألة لتشكيل المشهد بطريقة منطقية.

ومع ذلك فإن القضيّة الشركسية، لا تملك أي من المذكور أعلاه فيما يتعلّق بالمعيار أو المبادئ الإيجابيّة بشأن الطريقة المنطقيّة البنّائة والّتي من شأنها أن تحل جميع وقائع الصعوبات المزمنة التي نشأت عبر نتائج عشرات السنين من الحروب الوحشية مع القوّات القيصرية المحتلّة الطّامعة عندما استولت الدّولة الرّوسيّة ولغاية يومنا الحاضر على كامل شمال القوقاز وبوجه خاص شركيسيا. قامت روسيا بممارسة سياساتها الامبرياليّة والاستعماريّة القائمة على التّوسّع الإقليمي ولزيادة التلاعب السياسي والاقتصادي الحاسم في شمال القوقاز وما وراءها. وكمظهر للتوسّع الغربي، فقد أنشأت الدّول الأوروبيّة امبراطوريّات سياسيّة شاسعة، ولا سيما في افريقيا وآسيا. هذه "الامبريالية الجديدة" وقعت بشكل رئيسي في المدّة بين العامين 1880 و 1900، عندما سارعت الحكومات الأوروبية بشكل محموم للاستيلاء على أراض جديدة. الرّوس ومرتزقتهم تقدّموا أيضا، لحكم ملايين السّكّان من أمم شمال القوقاز والأمّة الشّركسيّة من أجل إثبات المنافسة والوصول الى المياه الدافئة للبحر الأسود من أجل التجارة وللوصول إلى الموانئ الاستراتيجية الأخرى من العالم، ولتمدّد وتوسّع قوة عسكريّة متفوّقة، ولمنافسة سياسات دول أوروبّيّة أخرى، وللعقيدة العنصرية في التفوق السلافي كانت جميعها بين تلك الحوافز. ان العالم المتحضر انتقد الامبريالية بحدّة ووصفها بأنّها خيانة للحضارة ولمثل الإنسان العليا بالحرّيّة والمساواة.

الامبريالية الروسية خلقت ردود فعل متباينة ضمن أمم شمال القوقاز والأمم الأخرى في مناطق أخرى لا تزال مستعمرة من قبل روسيا. واحد من ردود الأفعال هو مجرد السعي لإجبار قوات الاحتلال والوكالات الأخرى المرافقة له بالرّحيل بعيدا، ولكن شركيسيا دمّرت من قبل الغزاة ككيان متكامل. الفشل العام لذلك الرّد التّمهيدي الأوّلي دفع بعض الذين بقوا في الوطن لخيار ثاني ألا وهو قبول التعامل مع الحكم الروسي، مما جعلهم يقبلون أيّ شيء تفرضه السّلطات الاستعماريّة. وكان الرد الثّالث هو رد الشّتات وهو البقاء على استعداد للعودة الى الوطن الام في أقرب وقت تسمح بها الظروف؛ ولكن مع مرور الزّمن، وتطوّرات الظّروف الدّاخليّة والخارجيّة والوضع الدولي والأزمات، بالإضافة إلى الاقتصاد والعنصرية والحالة الاجتماعية في بلدان الشتات، جعل من الضروري لشراكسة الشّتات التّحرّك لاتّخاذ الخطوات اللازمة لمنح أمّتهم القوة والوسائل اللازمة لاستعادة الحقوق المصادرة ولكن المشروعة في حق تقرير المصير.
ويبدو رغم ذلك؛ ان هنالك منافسة أو بعبارة أخرى صراعا يمكن توضيحه بأنّه عمليّة "شد حبل" بين فرقاء مختلفين، ولا سيما فريقين رئيسيّين (باستثناء الأغلبية الصامتة) ممّا يؤدّي الى اتّجاهات متعارضة مع توجّهات من شأنها بالضّرورة أن تؤدي لهدفين وغايتين مختلفتين.

المجموعة الأولى، ولنكون أكثر واقعية، فقد يكون من المعقول ذكر أن الفريق المنظّم والموجّه وهو الأكثر قدرة على الشر، هو الّذي سيّر الأنشطة الاجتماعية والمجتمعية الشّركسيّة لعشرات من السنوات لغاية الآن، وهم الّذين يعتبرون متعالين وهم أفراد بتفكير تجاري، في حين يقبلون بالأمر الواقع للأمة الشركسية كما هو عليه الآن، برغم ما قال فولتير: "التقدم المحرز للأنهار نحو المحيطات ليس في سرعة الرجل نحو الخطأ"، التي تشمل المسائل والترتيبات المتّخذة من جانب أطراف ثالثة وفي غياب الشّعب الشّركسي لغرض صنع القرارات المصيرية مع أفراد أنانيّين وانتهازيّين ومغرورين، وهم الّذين نصّبوا أنفسهم رؤساء للاستحواذ واتّخاذ القرارات المصيريّة والّتي تتعلق باهتمامات وطنية حاسمة مع عدم وجود المنطق والحس السليم والوعي الوطني، وفي غياب وجود الارادة الشّعبيّة. عملية صنع القرار في قضايا حاسمة ومسائل خطيرة هي للأسف ومن المحزن أنّه يقوم بها وكالات المخابرات والأفراد الذين حصلوا على تغطية أنشطتها بكل ما هو متاح من وسائل اعلام دولة الاحتلال، وغيرها من الموارد في الشتات، من قبل أولئك الذين يتنعّمون في جميع مناحي الحياة للمجتمعات الشركسية، وأنهم في معظم الوقت يوصفون بأنّهم من أصول شركسيّة؛ ولكن في حقيقة الأمر، فهم على علاقة بالأجهزة الأمنيّة لنفس سلطات الاحتلال ومن يخلفها، وهي الّتي افرغت الأرض الشّركسيّة من 90% من ساكنيها، كنتيجة للتنسيق والتّعاون مع قوى شرّيرة أخرى والّتي استفادت من النّكبة الشّركسيّة، ممّا شجّع السّلطات المحتلّة لاقتراف جرائم الابادة الجماعيّة و التطهير العرقي وكافّة أنواع جرائم الحرب، والّتي أدّت للتهجير القسري الى المنفى. مع كل الأسف لحقيقة أن هذه الأنشطة والواضح بانّها غير مسؤولة تبدو كما لو أن تلك السياسات العنيدة توضح أن التّرابط الشّركسي يبدو وكأنّه مثل التّرابط القائم بين مشجعي الفرق الرياضية أو المشاهير وهم الّذين تكون المصالح والالتزامات لا ترقى لمستوى الصّلة القويّة بين أعضاء النّقابات وأصحاب المهن. والنتيجة لمثل هكذا استراتيجيّة خطيرة وطّائشة وارتجاليّة ستكون التّعرّض الّذي لا مفر منه والوشيك لحافة الانقراض (لا سمح الله).

المجموعة الثّانية، وقد وضعت في عين الاعتبار أنّ: "الإيمان بدون أعمال يعتبرميّتا، والرغبة بدون عمل تكون خيالا"، وهي الّتي تمسك باحكام وتثير وتطالب بجدول أعمال وخطّة الهويّة الوطنيّة الشّركسيّة، في حين يجب التّعلّق بمبادئ الأخلاق والقيم الأخلاقيّة في مجال معالجة كافّة القضايا والتحديات التي تواجه الأمّة الشّركسيّة. هذه المجموعة من الأفراد المخلصين والمؤسسات المنضبطة تؤمن في أنّ: "الرياح والأمواج هي دائما الى جانب الملّاحين الأقدر"، والتي تمتد بين الوطن الأم وأجزاء أخرى من الشتات الشركسي، بحيث يمكن وصفهم بأنّهم المدافعون الحقيقيّون عن الحلم الشّركسي، وهم الحريصون دائما على استخراج المعلومات من المصادر الموثوقة لغرض تقديم الدّليل على الفظائع التي ابتليت بها الأمّة الشّركسيّة من قبل الطّغاة المحتلين. وهم يقومون على إبلاغ شعبهم عن التفاصيل التي لا تزال تحت الجمع والتّنسيق، والتي تقدّم باحتراف من خلال مختلف السبل والوسائل التي تتراوح بين وسائل الإعلام المتاحة والإنترنت والوثائق والاجتماعات والمؤتمرات. هذا الفريق يمكن أن يوصف بأنّه ضمير الأمة الحي وقلبها النّابض، بالإضافة إلى أن ألأعضاء هم الّذين عقدت عليهم الآمال لتمكين أمّتهم من الوصول إلى شاطئ السلامة والأمان، وإلى إنجاز الحقوق المشروعة للحرية وحرية الاختيار وحق تقرير المصير.

وهناك كتّاب ومراسلون بحيث انّه ليس عندهم اهتمام بان يكونوا موضوعيّين وإنسانيّين عند الكتابة في بعض المواضيع التي تمس الأفراد والشعوب والأمم، والتي تحتاج إلى نزاهة تعكس دقّة الوصف مثل الكاتب اندي ماك سميث كاتب المقال بوريس الشّركسي، والّذي نشر في "الاندبندنت أون لاين"، قسم البيت المفتوح، والمؤرخ بتاريخ 10 آذار / مارس من هذا العام 2008. وبدى المقال (مع كل الاحترام) وكأنّه من الجهل و/أو اللا مبالاة لكتابة تقرير وبتحيز، وبغض النظر عما إذا كانوا يستعدون أو يخيفون أويقوموا بإذلال الآخرين في حين يخاطبون ويوزّعون بياناتهم ومعلوماتهم المسمومة والمعلومات مع هامش ممكن من الجهل عن الموضوع المتناول كاملا أو جزئيا. وأنا واثق من أن بوريس سيشعر بالفخر لوجود الدّم الشّركسي في عروقه، عندما يتأكّد من أن هذه الأمّة الفخورة والمخلصة وذات ماض لأكثر من 6000 عاما، الّذي جعله المقال المذكور ذات صلة بها، وعندما يعرف الوضع الحقيقي والظروف والاحوال الحقيقية والّتي تعرّض لها أجداده المفترضين، مما عرّضهم الى معاملة غير حضارية ولإهانة واحتقار من قبل أفراد مغرورين وجماعات ودول، الّذي كشف عن فساد الأطراف المعنية في التعامل مع المأساة الشركسية التي تطوّرت نتيجة للحرب الروسية - القوقازيّة ممّا أدّى الى نصر روسي غير مؤهّل وغير كفؤ ضد الشّراكسة وغيرهم من أمم شمال القوقاز الّذين دافعوا عن الوطن ببسالة، والّذي لم يمنع أن يكون مجموع السكان من التعرض للابادة والتهجير القسري حيث بدى أنها مؤامرة مروّعة بين الدّولة القيصريّة الروسية المعتدية وغيرها من شركائها في المؤامرة في ذلك الوقت. إن أطروحة الشّراكسة في الأردن من قبل بروس دوغلاس ماكي المؤرّخة بتاريخ يونيو/حزيران من العام 1979 ذكرت: "تاريخ كفاح الشّراكسة ضد الروس يثير حتى اليوم العواطف المتأججة عند أبناء الشّركس. ان اخضاع الأراضي الشركسية من قبل الروس والهجرة المتأتّية عن ذلك للنصف على الأقل من الشّعوب الشّركسيّة من هذه الأراضي الّتي لا تزال حيّة في ذاكرة معظمهم إن لم يكن كل شراكسة اليوم. في المقابلات التي أجريت بشأن أي جانب من جوانب التاريخ الشركسي السّياسي، يشار إلى أنها مختلطة بالفخر والأسف. "

كما أنّ جميع النّاس الواعين والمفكّرين يدركون أن الكمال أمر غير وارد، وفي ذلك المجال قال أحد الكتّاب، "الكمال لا وجود له في الواقع، ولكن فقط في أحلامنا"، انّ الظروف تتطلّب وتفرض ضرورة التّكيّف مع الواقع وحقائق الحياة التي يعيشون، ولكن لا ينبغي النظر للموضوع "كأمر واقع"، لأن ذلك سيكون بمثابة استسلام وقبول بالهزيمة عند مواجهة الصعوبات والتعقيدات. انّ قدر الشراكسة أملى عليهم دائما واجب الدفاع عن وطنهم ضد الغزاة الطامعين، وكان آخر نضال للدّفاع المشرّف ضد العدوان القيصري الرّوسي الوحشي والّذي انتهى في العام 1864، ممّا أدّى إلى عواقب وخيمة من الخسائر في الأرواح والممتلكات وبالتالي الوطن، والّذي يقتضي على الشراكسة مخاطبة العالم المتحضّر ومؤازرة بعضهم بعضا في الوحدة والتضامن الّذي لم يسبق له مثيل من خلال محاولة "التّكاتف والتّضامن"، للمضي قدما للمطالبة بالحقوق وتقديم القضايا ولاستعادة الامتيازات المصادرة من أجل إستعادة حقوق الإنسان المشروعة والحقوق المدنية والحقوق الدستورية والحرّيّات المدنية وفقا ل "الإعلان العالمي لحقوق الإنسان".

"الأفكار العظيمة الّتي تمارس تصبح أعمالا عظيمة".

ايجل
29 تشرين الأول / أكتوبر عام 2008

الاثنين، 27 أكتوبر 2008

الجزيرة: مسيرة روسيا نحو القطبية

20/10/2008 م
مسيرة روسيا نحو القطبية



- الرغبة الروسية- الرؤية كضرورة للقطبية- الإمكانات الاقتصادية والعسكرية- دول الاستقطاب المباشرة- الأزمة المالية العالمية
تفاءل كثيرون كما انزعج كثيرون عندما قامت روسيا بحملتها العسكرية على جورجيا وحققت أهدافها، في حين وقف الغرب صارخا في وسائل الإعلام ومكبلا في الميدان.
الرغبة في وجود قطب عالمي ثان منافس للولايات المتحدة كانت مصدر التفاؤل، بينما احتمال كسر احتكار القوة والنفوذ كان مصدر الانزعاج.
هناك من سئموا هيمنة الولايات المتحدة الواسعة على العالم، وسئموا ما يرونه ظلما واقعا عليهم، وهناك من رأوا أن روسيا قد تفسد مسعى الولايات المتحدة للهيمنة الثقافية والفكرية على العالم مما يجعلها مقبولة تربويا كدولة حاضنة للحقيقة المطلقة.
على الساحة العربية، انطلقت تحليلات كثيرة حمل أغلبها بشائر للجمهور العربي المحبط بإمكانية التغيير على الساحة الدولة بسبب تكشير الدب الروسي عن أنيابه.
قطاعات واسعة شعبية ومثقفة على الساحة العربية أبدت ابتهاجا بالتحرك العسكري الروسي، لا كرها لجورجيا، وإنما نكاية بالولايات المتحدة والدول الغربية عموما، ورأوا فيه بادرة روسية جديدة قد تعني الخروج من الكهف، والعمل على استعادة مكانة روسيا التي فقدتها منذ انهيار الاتحاد السوفياتي.
فهل ما قامت به روسيا يؤشر فعلا على نهاية حقبة القطب الواحد، أم أن أميركا ما زالت قوة فوق التحدي وستبقى هي القطب الواحد بلا منازع لسنوات قادمة طويلة؟
"ليس من المتوقع أن يلقي الرئيس الروسي خطابا يقول فيه إنه عقد العزم على جعل روسيا قطبا ينافس الولايات المتحدة لنستدل على الرغبة الروسية، لكن بإمكان المراقبين أن يستدلوا عليها بسياسات أو إجراءات ومؤشرات تدل على ذلك"الرغبة الروسيةقبل استشراف مستقبل القطبية على الساحة الدولية، من المهم أن نبحث فيما إن كانت روسيا راغبة فعلا في أن تكون قطبا منافسا للولايات المتحدة أم لا.
من المحتمل أن روسيا لا تتطلع إلى دور قطبي تنافس فيه الولايات المتحدة، أو تتعاون معها في صياغة الأوضاع العالمية، ومن المحتمل أن روسيا كانت تدافع عن نفسها فقط عندما هزّت العصا العسكرية في وجه جورجيا، وأرادت أن توصل رسالة لأميركا تحذرها فيها من المزيد من الاقتراب من الحدود الروسية.
ربما هدفت روسيا إلى إظهار قدرتها على الردع، والتأكيد على قوتها العسكرية دون أن يكون في الثنايا أبعاد دولية.
ليس من المتوقع أن يقوم الرئيس الروسي بإلقاء خطاب يقول فيه إنه عقد العزم على جعل روسيا قطبا ثانيا ينافس الولايات المتحدة لنستدل على الرغبة الروسية، لكن بإمكان المراقبين أن يستدلوا على هذه الرغبة بسياسات أو إجراءات أو خطوات عملية تتخذها روسيا خارج حدودها.
وهناك عدد من المؤشرات تدل على رغبة روسية في دخول المعترك الدولي أذكر منها:1- التلويح لبولندا بالأسلحة النووية إذا ما تم نشر الصواريخ الأميركية على الأراضي البولندية. ولا يمكن أخذ هذا التلويح على أنه زلة لسان أو خاطرة عابرة أو مجرد مزحة ثقيلة، ولا بد من استدرار عبر منه ونوايا.
ربما لا يكون بنية روسيا استخدام الأسلحة النووية، لكن مجرد الخوض فيه يعني أن القيادة الروسية جادة في تحدي الدرع الصاروخية الأميركية. وهذا التحدي سيفرض متطلبات على كل من روسيا وأميركا من زوايا المكانة الدولية والهيبة والاستعداد في كافة المجالات لإثبات الأهلية.
2- إعلان روسيا عن أسلحة إسرائيلية في جورجيا، وعن تآمر إسرائيل مع دول الجوار الروسي بخاصة فيما يتعلق بتوفير الخدمات النزلية (اللوجستية) لهجوم جوي إسرائيلي على إيران.
مثل هذا الإعلان يتضمن موقفا ضمنيا غير مهادن لإسرائيل، ويعني انتقادا حادا لإسرائيل أو رفضا لسياساتها المتعلقة بإيران وبالدرع الصاروخية الأميركية. ومن المعروف أن إسرائيل وأميركا تشكلان قلب ما يُعرف بالمجتمع الدولي، وتحدي أي من الدولتين يعني تحدي الأخرى.
3- الإعلان في موسكو عن صاروخ عابر للقارات جديد بقدرة نووية متعددة الرؤوس وخارق لأجهزة الرادار، وكذلك الإعلان عن إعداد خطة للدفاع النووي الفعال خلال السنوات القليلة القادمة، كل هذا يعني أن روسيا ماضية في تطوير قدراتها العسكرية النووية والتقليدية.
4- قيام قطع من البحرية الروسية بزيارة ميناء فنزويلي، في تحد واضح للولايات المتحدة التي تعتبر أميركا الجنوبية منطقة نفوذ لها بدون منازع.5- رفض روسيا المطالب الأميركية لفرض عقوبات إضافية على إيران.
هذه وغيرها تعتبر مؤشرات حقيقية على سياسة روسية جديدة على المستويين المحلي والدولي، وتنبئ بتطورات جديدة على الساحة الدولية، لكنه من الصعب جدا أن نستنتج منها أن روسيا قد قررت فرط العقد نهائيا والذهاب في التحدي إلى آخر مدى.
الرؤية كضرورة للقطبيةمن يريد أو يرغب في أن يكون زعيما، لا بد أن يتحلى بمقومات الزعامة. وتعتبر الرؤية أهم هذه المقومات لأنها تحدد المنطلقات الفكرية والثقافية، وتلمس على بعض الأساليب والوسائل التي يريد الزعيم أن يكون زعيما وفقها.
إنه بحاجة لأن يقول لمن يريد أن يتزعمهم حول ماذا عليهم أن يلتفوا وعن ماذا يجب أن يدافعوا، ومن أجل ماذا عليهم أن يعملوا.
رائد الثورة مثلا يوضح للناس لماذا يريد الثورة، ويحدثهم عن أهدافها وبعض أساليبها ووسائلها، ومن ثم يعمل على جمع الناس حوله، وكذلك زعيم الدولة، وزعيم العصابة.. إلخ.
"إذا كانت روسيا راغبة في أن تتبوأ مركز القطبية فلا بد أن تتطلع إلى الدول والشعوب لتقول لهم عن ماذا تدافع وإلى أي أهداف تريد أن تصل، ولا بد أن تكون لها رؤية أو فلسفة أو أهداف على مستوى دولي "إذا كانت روسيا راغبة في أن تتبوأ مركز القطبية، فلا بد أن تتطلع إلى الدول والشعوب لتقول لهم عن ماذا تدافع وإلى أي أهداف تريد أن تصل.
من المهم أن تكون هناك رؤية روسية أو فلسفة، أو أهداف على مستوى دولي لكي تستطيع أن تخاطب الأمم والشعوب وتجمع تعاونها وتأييدها، أو على الأقل لتضمن حياديتها.
من الممكن مثلا أن ترى روسيا أن هناك ظلما كبيرا لحق بالعديد من الأمم والشعوب مثل الأمة العربية والشعبين الفلسطيني والعراقي، وتقرر أن سياستها الدولية تقوم على رفع الظلم عن المضطهدين، وتوضح للعالم تعريفها للاضطهاد، وتبين أساليب الاضطهاد ووسائله التي تعتمدها الولايات المتحدة، وتبدأ باتخاذ الخطوات المناسبة لرفع هذا الاضطهاد أو تقليصه.
أو من الممكن أن تبدأ بطرح فكرة العالمية مقابل العولمة التي تتبناها أميركا، وتؤكد من خلالها على التنوع الثقافي والفكري، وعلى مشاركة كل الأمم في صياغة المناخ الثقافي العالمي بحيث تحافظ كل أمة على أصالتها دون تقوقع أو انعزال.
أو من الممكن أن تبدأ روسيا بفكرة رأسمالية جديدة تجعل الشركات الكبرى والحركة المالية العالمية خاضعة لقوانين عالمية جديدة مكتوبة ومتفق عليها.. إلخ.
العالم يعيش حالة من الاضطراب وعدم الاطمئنان نتيجة السياسات الأميركية الاقتصادية والعسكرية، وتطوير رؤى بديلة لا يشكل معجزا إذا أرادت روسيا أن تخوض المعترك، لكنها على كل حال لا تستطيع خوض معركة بدون رؤية.
الإمكانات الاقتصادية والعسكريةيقول المثل العربي إن من يريد أن يصبح جمالا عليه أن يوسع باب داره، كذلك القطبية مكلفة، وعلى الدولة التي تريد أن تكون قطبا أن تغدق أموالا على محبيها والراغبين في ركوب البحر معها، وأن تكون قادرة على الدفاع عنهم، وربما عليها أيضا أن تداري المنافقين، وأن تشتري الحياد أحيانا.
بالتأكيد ليس مطلوبا من روسيا أن تكون بقدرة أميركا اقتصاديا وماليا، لكن من المتوقع أن تكون لديها قدرة سد الرمق وتسيير الأحوال، إنما عليها أن تكون ندا من ناحية الردع العسكري.
هل لدى روسيا قدرة اقتصادية الآن ومالية تتحمل أعباء القطبية؟ لقد تحسن دخلها نتيجة ارتفاع أثمان النفط والغاز، وحققت استقرارا ملحوظا في اقتصادها، ولم تعد بحاجة إلى الدول الغربية، لكن من الوارد أنها ما زالت في طور البناء وتلبية احتياجات الروس الذين ما يزالون يتطلعون إلى مستوى استهلاكي أفضل مما هم عليه الآن.
هناك متطلبات داخلية كثيرة تتطلب سياسة إنفاق روسية حكيمة تستغل كل روبل من أجل تحسين الظروف الاقتصادية لسكانها، ومن المشكوك فيه أن تكون قادرة الآن على فتح يدها بطريقة تغطي بها مختلف المتطلبات المالية على الساحة الدولية.
أمام روسيا الآن مسألة تطوير اقتصادها ليصبح اقتصادا منافسا إن هي استمرت في تبني النظام الاقتصادي الرأسمالي. وفي ظل الوضع القائم، والتطور التقني الهائل على الساحة الدولية، روسيا لا تستطيع فتح أسواقها تماما أمام التجارة العالمية، ولا تستطيع الانغلاق، ويبقى التحدي الاقتصادي ماثلا أمامها ويشكل معوقا كبيرا أمام اقتحامها الأسواق العالمية.
لهذا من الممكن أن تنشغل روسيا بصياغة نظام رأسمالي يبقي على هامش واسع لتدخل الدولة، ويحد من هيمنة الرأسمالية الليبرالية الحديثة.
"بيد روسيا الآن حجة قوية أمام شعوب الأرض للتأثير جديا على سياسة الولايات المتحدة ولتقليص تدخلها في الشؤون الداخلية للأمم، وستجد بالتأكيد آذانا صاغية إذا رأت ضرورة الاندفاع نحو العالمية التي تحترم الشعوب والثقافات"دول الاستقطاب المباشرةمن العوامل الهامة المؤشرة على نوايا روسيا ورغباتها، علاقاتها مع الدول المتمردة وفق التصنيف الأميركي، ومع حركات المقاومة المصنفة أميركيا على أنها إرهابية.
إذا كانت روسيا جادة في تحدي أميركا، وترفض فعلا هيمنة القطب الواحد، فإنه من المتوقع أن تمس ببعض المحرمات الأميركية فتدعم مثلا المقاومة العراقية وتقدم مساندة دبلوماسية لإيران، وتخفف الضغوط عن فنزويلا.
هناك نقاط تعتبر مواطن استهداف أميركي بقصد التركيع أو التحييد مثل سوريا المترددة في السير بركب الأنظمة العربية المتنفذة عربيا، وكوريا الشمالية وكوبا، وهناك أيضا حركات مقاومة تقع ضمن دائرة الضغط الأميركي مثل حماس وحزب الله، ويعتبر التقرب من هذه المواطن مساسا بالسياسة الخارجية الأميركية، واعتداء على النهج الأميركي في عولمة العالم.
إذا كانت روسيا ترغب في أن تكون لها كلمة نافذة على الساحة الدولية خلال وقت قصير، فإنها ستسخن النقاط الساخنة وتعلن مثلا أن حزب الله ليس تنظيما إرهابيا وأنه يخوض حربا مشروعة ضد إسرائيل، أو أن تعلن نيتها في دعم حركة حماس المحاصرة في غزة من خلال القيام بنشاطات من شأنها فك الحصار.
وفي كل الأحوال، يعتبر التقارب الروسي مع هذه المواطن تحديا كبيرا ومقلقا للولايات المتحدة، ويشكل فرصة أمام الدول السائرة في ركب أميركا لإعادة التفكير في مواقفها.
أما بخصوص الشارع العربي، فلن تجد روسيا عناء في إيجاد أرضية مؤيدة لها إذا قررت تحدي أميركا. الشارع العربي عموما، باستثناء الشارع الخليجي، يكن الكراهية لأميركا، وينتظر اليوم الذي تُبتلى فيه بشرور الدهر.
الأزمة المالية العالميةأميركا الآن تقع تحت وطأة الأزمة المالية، وتحت وطأة اتهامات أصدقائها وأعدائها بأنها هي المسؤولة عن الأزمة بسبب جشعها وسوء إدارتها للشؤون المالية.
العالم الآن سيتحدى سلطة أميركا المالية، ويعمل على إحداث تغييرات جوهرية في النظامين الاقتصادي والمالي، وعلى أميركا أن تنكمش إذا أرادت تسهيل عملية خروجها من الأزمة الخطيرة.
بإمكان روسيا أن تستغل الأمر كنقطة قوة لصالحها، وتركز على فكرة العالمية بدل فكرة العولمة التي اعتبرتها أميركا نهجا لسيطرتها على العالم.
بيد روسيا الآن حجة قوية أمام شعوب الأرض للتأثير جديا على سياسة الولايات المتحدة، ولتقليص تدخلها في الشؤون الداخلية للأمم، وستجد بالتأكيد آذانا صاغية إذا رأت ضرورة الاندفاع نحو العالمية التي تحترم الشعوب والثقافات، وتبتعد عن فكر الهيمنة.
__________________

كاتب فلسطيني

المصدر: الجزيرة

الجمعة، 24 أكتوبر 2008

صحيفة الفجر: المؤتمر العالمي الأول للّغه الشّركسيّة

المؤتمر العالمي الأول للّغه الشّركسيّة
أبعاد جديدة للصّراع الرّوسي مع شراكس الشّتات

كتب عدنان احسان
15-10-2008

تحت شعار تطوير اللغه الشركسيه كعامل ارتباط بالوطن الأم وبرعايه الجمعيه الشركسيه في الآردن , وبمبادره من المركزالروسي للعلوم والثقافه في عمان . عقد في الآسبوع الماضي المؤتمر العالمي الاول للغه الشركسيه في عمان استمر لمده ثلاثه ايام شارك فيه مندوبين من مختلف انحاء العالم الذي تتواجد فيه الجاليات الشركسيه.
منظمي المؤتمر ادعوا ان هذا المؤتمر يهدف الى قراءه جديده للهم الشركسي واعاده صياغه مفردات الثقافه الشركسيه عبرتطويروتعليم اللغه الشركسيه لإعاده ربط ابناء الشتات بوطنهم الأم .
اما الآسباب البعيده للمؤتمركما يراها المناهضون لفكره التدخل الروسي بشؤون ابناء الشتات القفقاسي ومؤسساته .

يقولون : بان المؤتمر هو ((كلمه حق اريد بها باطل)) وان الآسباب الحقيقه للمؤتمر تتلخص اهدافها بمحاصرة تيار الصحوة القومي الشركسي الجديد لشراكس الشتات والإلتفاف على نشاطاتهم قبل ان تاخذ طابع سياسي منظم للجاليات الشركسيه قد يستغل الإرباكات الحاصله في الموقف الروسي في الساحه الدوليه ويستفيد منها هذا التيار في دفع اجندته النضاليه الى مواقع متقدمه في السياسيه الدوليه وتحقق على الاقل الصيغه الاوليه لمفهوم النضال القومي الشركسي الذي تبلورت ملامحه بشكل اكبر خلال ربع القرن الماضي، وقامت اجهزه الإستخبارت الروسيه بقمع هذه التحركات وتصفيه رموزها الوطنيه عبر عملائهم وجواسيسهم , وتدخلاتهم بها سواء على الساحه الداخليه أوالخارجيه. ويتخوف الروس من ان يساهم هذا التيار في خلط الآوراق والإرباكات الكبيره لهم في ظل ازمه العلاقات الروسيه الدوليه مع العالم الغربي هم بغنى عنها في هذه الآوقات وقد تم تاجيل المؤتمر ثلاثه مرات بعد ان اعد له بشكل كامل وخصصت له الاموال لتنفيذ مقرارات المؤتمر المعدة سلفا والتي تتضمن مشاريع تشرف عليها السفاره الروسيه بشكل مباشر عبرعملائها المنتخبين حسب مقاييسها .

وكان اخر تاجيل له في شهر تموز الماضي حيث جرى تخفيض تمثيله بعد ان وجهت الدعوه لجلاله الملك عبدالله الثاني لرعايه المؤتمر واختيرت عمان مقرا له ووجهت الدعوة ايضا لثلاث رؤوساء جمهوريات شركسية (الآديكا – وكبردينا بلقاريا – وقرشاي تشركيسيا)، ويقال ان سبب تاجيل المؤتر في اللحظه الاخيره قد تم بنصيحه من الإستخبارات الروسيه , حين اعتذر رؤساء الجمهوريات الشركسيه الثلاث عن الحضور:
اولا :بسبب الخوف من الثقل الاردني في المؤتمر ومشاركه جلاله الملك عبد الله الثاني فيه والذي قد يلزم الروس بقرارات خارجه عن حساباتهم لاتخدم الآهداف المرجوه من عقد المؤتمر.

ثانيا : الخوف من تاثير ابناء الجاليه الشركسيه الإردنيه على قرارات المؤتمرعبر استخدامه منبرا لتعرية دور الإحتلال الروسي لشمال القفقاس ومحاوله تجميل صورته قبل الأعتراف بحقبته الإستعماريه والإعتذار عن جرائمه التي ارتكبت في تلك الفتره. ويقود التيار الآخر الذي صفق للتدخل الروسي وينشط من وراء الكواليس للتعاون مع الإداره الروسيه وربما فكره المؤتمر ايضا مجموعه من المنتفعين , والعملاء والمرتزقه الشركس الذي يتلقون اجنداتهم من السفارات الروسيه عبر مستشارين الإستخبارت الروسيه الذين تحولوا الى سفراء متجولين في مناطق الشتات الشركسي .
ورغم الإستعدات والإحتياطات التي اتخذت لسد عمليات الخروقات المحتمله لآهداف المؤتمر واجندته المنظوره من خلال البرنامج الروسي، الا ان التيار القومي الشركسي نجح في اختراق اروقه المؤتمر وخلط الآوراق في اللحظات الاخيره عبر البيان الذي وزع على المندوبين وقام بتوزيعه كلا من الناشطين في هذا التيار :
السيد اورهان بارسيقوى: الطالب في الدراسات العليا في القاهره الذي يعد رسالة الدكتوراه عن التاريخ الشركسي والسيد باتر بي- عضو الجمعيه الشركسيه والناشط على الساحه الشركسيه العالميه .
و هاجم البيان اهداف هذا المؤتمر الحقيقية و البعيده المدى التي تتلخص في البحث عن دور اللغه فقط دون التطرق للبحث في مساله الوطن ودورالإحتلال.
ويقف التيار القومي الشركسي في الشتات في وجه كل المحاولات التي تهدف الى تبرئه الإحتلال الروسي من جرائم حقبته الإستعماريه ومجازره التي ارتكبها ضد الشركس قتلا وتهجيرا وترحيلا وألاستيلاء على ألأراضي والممتلكات، وجلب المستوطنين القوزاق وطمس كل مظاهر الهوية والثقافه الشركسيه، ومحاولات تثبيت مكونات وثقافه ورموز الإحتلال ومسخ هويتهم القوميه وسلب كل مقومات السياده الوطنيه .

ويعارض هذا التيار التدخلات الروسيه في شؤون ابناء شمال القفقاس وكيفيه بناء رؤيتهم النضاليه لمستقبل ابنائهم ووطنهم قبل ان تمحى الإسباب الحقيقه للمساله الشركسيه التي تتلخص بابسط الآشياء، (وطن حر وشعب.. حر يختار مستقبله) عبر مقوماته الحضاريه التي حاولت الحقبه الإستعماريه طمسها, واليوم يحاولون لعب دوراعادة احيائها بالشكل المناسب الذي يخدم اجندتهم الإستعماريه (والشواهد والامثله كثيره على هذا الموقف) ولاندري كيف ان من حاول طمس اللغه والثقافه الشركسيه في الماضي، كيف يساهم اليوم في اعادة احيائها ولماذا ؟

ويرى المناهضون للتدخل الروسي ايضا ان الروس اليوم يلعبون بالوقت الضائع في محاولتهم اليائسه لأيقاف التسونامي القادم من شراكس الشتات لشمال القفقاس الذي سيتوج قريبا بتصفيه الارث الإستعماري , وان كل محاولتهم اليائسه هذه ليست الا محاوله تاخير هذا المد الجارف عبر الإنخراط في شعاراته، وتسريب العملاء والجواسيس الى تياره ... ومحاصرة شراكس الشتات في كلا من (امريكا- والأردن وتركيا)، وبنسب اقل في البلدان الآخرى التي لازالت تستجيب للضغوطات الروسيه او في المناطق التي نجح الروس في تسريب عملائهم وجواسيسهم اليها وخصوصا في الجمعيات الشركسيه.

وقد كثف تيار الصحوة القومي الشركسي نشاطاته في الفتره الآخيره بشكل ملحوظ وساهم في تعرية سياسة الإحتلال في خنق الحريات، والإعتماد على العملاء في ادارة البلاد و تشديد القبضة الامنية وتسليط اجهزة الإستخبارات التي وصلت الى حد التصفيه الجسديه لصحفيين وكتاب والإغتيالات للمناضلين ورميهم في المزابل واعتقال كل من تجرأ على الخوض في مسالة الحرية والإستقلال وتهديد وارهاب اقارب هذا التيار في الداخل وطرد ابناء المهاجرين المؤيدين له من الوطن حيث تم طرد اكثر من 573 مهاجرا من جمهوريه القبرداي وحدها في اقل من سنة، دون توجيه اي تهم محددة لهم او الاسباب التي استدعت لهذا ألأجراء وكان اغلبهم من الآكاديمين، والتكنوقراط وقام هذا التيار ايضا بفضح عملاء اجهزة الإستخبارت الروسية وسفرائها المتجولين الذين ينشطون تحت ستار مؤسسات رودينا اوتحت غطاء الجمعية الشركسية العالميه التي باتت تتحكم بها وتسيطر عليها اجهزه الإستخبارات الروسيه بشكل كامل.

كل المؤشرات تشير الى فشل اجندة هذا المؤتمركما خطط له (....)، وربما ستساهم التطورات اللاحقة من هذه المبادره في عملية فرز حقيقي اكثر وضوحا لمراكز القوى في المجتمع الشركسي في المحاولة الجادة لخلق وثيقة العهد القومية النضالية لآبناء شمال القفقاس وتحديد اسس برنامجهم النضالي المستقبلية وبلورة صيغ لثقافتهم القومية والحضارية، وبناء مستقبلهم في الحرية والإستقلال وتحديد قيمهم واخلاقياتهم الوطنية بعيدا عن الاجندة الإستعمارية اسوة بباقي شعوب المنطقة والتي اقرتها واعترفت بها كل المواثيق الدولية بالحق وبالحريه والعيش الحر الكريم على أرض الوطن .

الاثنين، 20 أكتوبر 2008

وكالة أنباء القفقاس: أنواع الإبادة في الشيشان 1و2و3


وكالة أنباء القفقاس: أنواع الإبادة في الشيشان 1و2و3


أنواع الإبادة في الشيشان - 1
عمر خانبييف
الجزء الأول
لنتمكن من الحديث بشكل تفصيلي ومنهجي عن مدى حجم الوحشية الروسية في الشيشان يجب علينا بادئ ذي بدء أن ندرك بأن تلك الوحشية ليست ناجمة عن تصرفات مجموعات خارجة عن السيطرة وإنما هي سياسة تديرها وتشرف عليها بل وتكافئها الحكومة الروسية على مستوى رفيع. والهدف من ذلك واضح وضوح الشمس: القضاء على دولة الشعب الشيشاني وإبادته الأمر الذي يفصح عنه المسؤولون الروس بأنفسهم بشكل مبطن حين يتحدثون عن "حل جذري للقضية الشيشانية".

"مما لا شك فيه أنه مع تسلم بوتين مقاليد السلطة في روسيا بدأ يظهر نوع جديد من أنواع الفاشية. وكما هو معروف فإنه عندما بدأت تظهر الفاشية في ألمانيا في ثلاثينيات القرن الماضي كان الغرب حينها أيضا يرقب هذا التطور بصمت وحتى أنه كان يدعم تلك المرحلة اقتصاديا رغبة منه برؤية "ألمانيا هتلر دولة مستقرة وصديقة". ومن المعروف ما انتهى إليه موقف الغرب في ذلك الحين الذي كان بعيدا كل البعد عن المبادئ. وللأسف يكرر التاريخ نفسه اليوم فها هي أمريكا وأوروبا تصفقان للرئيس الجديد الذي أحيا مخيمات الاعتقال كما كان الحال في الثلاثينيات."
تلك السطور أخذت عن تحليل موثق حول جرائم نظام الكرملن في الشيشان قدمه وزير الصحة في جمهورية الشيشان ـ إتشكيريا عمر خانبييف قبل عامين في الغرب. إن الوضع الراهن في روسيا (وبغض النظر عن الشيشان) يظهر صحة ما خطه الوزير الشيشاني ويظهر أيضا أن البحث الذي قام به لا يزال واقعا راهنا هذا اليوم أكثر من أي وقت مضى.
مباشرة عقب نشره التقرير في أوروبا أرسل عمر خانبييف لرئاسة التحرير في الإعلام الشيشاني تحليلا علميا تناول أساليب التعذيب التي يمارسها الروس على الشيشانيين المحتجزين والأسرى الجنود في إتشكيريا. وتنبع أهمية هذا التحليل العلمي من أن كاتبه لم يكن مجرد شاهد على وسائل التعذيب التي لا يتصورها عقل ولكن من كونه تعرض بنفسه هو أيضا لمعظم وسائل التعذيب الممارسة في مخيمات الاعتقال ليكون بذلك شاهدا وضحية بالوقت ذاته. في بحثه العلمي يميز خانبييف وللمرة الأولى بين وسائل التعذيب المتبعة مع المعتقلين الشيشانيين وقد تمت ترجمة هذه الدراسة الهامة على ثلاثة أجزاء إلى اللغة التركية كما يتم إعدادها باللغات الروسية والإنكليزية والعربية.
ظهرت مخيمات الاعتقال الجماعي لأول مرة بتاريخ 12 كانون الأول/ديسمبر 1994 بموجب القرار رقم 247 الصادر عن وزارة الداخلية الروسية والرامي لما زُعم أنه "التحقق من هوية الأشخاص الذين يعتقلون في منطقة الحرب والتأكد من مشاركتهم أو عدم مشاركتهم بها".
في هذه الحرب أيضا، وكما كان الحال في الحرب الأولى، يتم تجاهل الحقوق القومية والدولية للشيشانيين ويوضع الشعب الشيشاني خارج إطار كافة القوانين. أما مؤسسات حقوق الإنسان الدولية وحكومات الدول الديمقراطية فتغض الطرف بوضوح عن كل ما يجري أمامها.
في ظل ذلك الصمت والتجاهل شكلت في الشيشان وفي بعض المناطق الروسية مخيمات الاعتقال بهدف الضغط على الشيشانيين كما تم إنشاء أقسام خاصة في السجون الروسية ينقل إليها الشيشانيون الذين يعتقلون بشكل غير قانوني. أي أنه ورغم الأوضاع في سجون روسيا، التي لم تشعر بأي وقت من الأوقات بخشية من القانون، أصبحت المعاملة "الخاصة" والتعذيب والإعدام خارج نطاق القانون معايير جديدة تطبق على الشيشانيين.
توجد مخيمات اعتقال صغيرة "خاصة" في جميع الوحدات العسكرية في الشيشان ـ إتشكيريا مثل الـ مي في دي، الـ في سي بي وحدات وزارة الدفاع والـ غرو. في تلك المعتقلات يعذب المعتقلون ويباع البشر ويقتلون. بغض النظر عن وحدة الأشقياء الروس التي تنفذ عملية تطهير ما فإن الأشخاص الذين يعتقلون خلال تلك العمليات يحتجزون في مخيمات صغيرة "خاصة" تعتبر إحدى مجموعات الفتك التي يطلق عليها اسم "القسم العسكري" الروسي.
في حال عدم قيام أقرباء الضحية بدفع فدية خلال ثلاثة أو أربعة أيام فإن الشخص المعتقل قد يختفي أو يتوفى جراء الضرب والتعذيب الذي يتعرض لهما منذ لحظة اعتقاله. وإذا ما تمكن ذلك الشخص من البقاء على قيد الحياة يُتهم بكونه "مقاتلا" ويرسل إلى خان قلعة المجهزة بالمزيد من آليات وتقنيات التعذيب.
هنا يتعاظم بشكل كبير احتمال اختفاء المعتقل دون أن يترك ورائه أي أثر. ويتفاجأ القرويون عندما "يعلمون" من وسائل الإعلام الروسية بأن ابن قريتهم أو قريبهم الذي كان ضحية عاثر الحظ والذي لم يحمل بحياته سلاحا قط هو "قائد ميداني متنفذ".
وإذا ما فشلت محاولات تحويل الأسير إلى "قائد ميداني معروف" وتمكن من البقاء على قيد الحياة في خان قلعة يتم إرساله حينها إلى تشيرنوكوزوف.
في الحقيقة يجب القول أنه وحسب ملاحظاتي فقد تغير في الآونة الأخيرة هذا الترتيب في نقل الأسرى من مخيم لآخر. إذ يتم الآن نقل المعتقل من خان قلعة إلى أحد مخيمات الاعتقال بروسيا. وحسب شهادات الشهود الذين تمكنوا على البقاء على قيد الحياة فإنه يتم نقل المعتقل بين 15 إلى 16 سجن روسي دون أن يتم تدوين اسمه في القيود أو أن توجه له المحكمة أية تهمة ويعاد بعد ذلك إلى تشيرنوكوزوف مرة أخرى بعد أن يكون قد أصيب بعاهات خطيرة.
وفي تشيرنوكوزوف تنتهي الجولة الأولى للمعتقل "المسافر" بين السجون ومخيمات الاعتقال الروسية. وماذا يحصل هنا؟ تقوم عناصر الفتك التابعة لسياسة بوتين وبواسطة شيشانيين موالين لها بعرض إطلاق سراح المعتقل على أقربائه مقابل دفعهم فدية.
وفي حال توفي المعتقل في إحدى مراحل "سياحته" جراء التعذيب تعد وثيقة حول "إطلاق سراحه" وبهذا الشكل "يختفي" الأشخاص دون أن يتركوا وراءهم أي أثر. وتوجد بحوزة منظمة حقوق الإنسان الروسية ميموريال الكثير من الوثائق حول هذا النوع من الحوادث. وحسب الكثير من المعلومات التي تتسرب من وحدات الفتك فإن أعضاء تلك الوحدات التابعين لبوتين توجد لديهم توجيهات سرية بـ "القضاء على 80% من الأسرى وإصابة الباقين بعاهات مستديمة" كي يشعر الشعب بالخوف عندما يراهم. وهذا ما يقوله الضباط بأنفسهم.
لقد تم تدوين هذا النوع من الاعترافات خلال عمليات الفتك في سيرنوفدسك وأسينوفسكايا. يقول الشيشانيون أن أول من يُقتل هم المتعلمون وأصحاء البدن وجميلي الصورة. في إحدى المرات قال قروي ظهر على شاشة التلفاز أنه "لا يبقى على قيد الحياة سوى الهزيلين وضعفاء البنية".
هنا يجب التذكير بما قاله ستيباشين في لقاء نشرته صحيفة كومرسانت حيث أجاب لدى سؤاله عن إمكانية حل القضية الشيشانية باستخدام القوة بقوله "أجل، إذا ما تم في البداية القضاء على جميع الذكور ومن ثم جميع النساء..." وعند سؤاله عن إمكانية تطبيق هذا الأمر أجاب "إن الجنرالات يقولون أنه ممكن".
من أين جاء كل هذا الكره وهذه الوحشية؟ أم هي الرغبة بإلحاق الأذى بالشيشانيين الذين لم يتمكنوا من السيطرة عليهم منذ أكثر من قرنين؟ وقد أشار جيرينوفسكي إلى هذا الأمر في إحدى المرات لدى حديثه بوضوح عن سبب كره بوتين للشيشانيين. وكما نعرف فإن جيرينوفسكي هو من الأشخاص الذين يحبون الإفشاء بصراحة عما يتردد في كواليس الحكومة.
لكن وكما هو جلي فإن مهمة كسب الشيشانيين هي مهمة لا يمكن تحقيقها مما يزيد مشاعر الكره التي يكنها بوتين للشيشانيين خصوصا بعد أن أدرك فشله وعدم جدوى سياساته. لاحظوا كيف تتغير تعابير وجهه عند حديثه عن الشيشانيين إن هذا النوع من الكره لا يمكن إلا لأخصائيين نفسيين فقط تفسيره فهو مرض خطير لن يكون ممكنا بعد فترة وجيزة إخفاء علائمه.
اليوم أصبح تاريخ هذه الدولة ووجودها الدموي شيئا واحدا مع الكره المرضي الشخصي الذي يشعر به الرئيس الروسي إزاء إتشكيريا وشعبها. وهذا ليس بالخفي على أحد فإعدام الشيشانيين عشوائيا وعمليات "التطهير" وشبكة مخيمات الاعتقال وما إلى ذلك ينبع كله من هنا، وبعبارة أخرى فقد شكل بوتين نظام فتك خاص لإبادة الشعب الشيشاني.
إن إبادة الأفراد بكل الطرق والإبادة العرقية والسياسية والدينية والاقتصادية تطبق بكل أشكالها في الشيشان. احكموا بأنفسكم:
1. قتل الشيشانيين بشكل جماعي باستخدام الأسلحة الكيماوية وقنابل الفاكوم والقنابل الحارقة، القتل في مخيمات الاعتقال، عمليات "التطهير"، عمليات السلب والنهب، الإعدامات العشوائية، عمليات التعذيب التي تستهدف القضاء على القدرة الإنجابية، التعرض للملاحقة في روسيا وفي الدول الأجنبية بسبب الهوية العرقية.
2. القضاء على كل ما يتعلق ببنية الدولة، الملاحقة، اختطاف وقتل ممثلي حكومة جمهورية الشيشان ـ إتشكيريا، الإصرار على رفض أية مباحثات سلام.
3. حرق الجوامع عمدا وملاحقة وإبادة الأشخاص بسبب انتمائهم الديني تحت مسمى مكافحة "الوهابيين" إلى جانب القضاء على رجال الدين لدى رفضهم التعاون مع عناصر الاستخبارات في قتل الشيشانيين.
4. القضاء المتعمد على الموارد الاقتصادية لإتشكيريا. رغم أن الإبادة التي يمارسها بوتين على الشعب الشيشاني تحمل نفس أهداف الإبادة التي مارسها هتلر إلا أنها تحمل بعض السمات التي تميزها عنها يمكن تصنيفها كما يلي:
× من ناحية المساحة: 1 ـ تشمل عملية الإبادة جميع أفراد الشعب الشيشاني داخل بلدهم وخارجها. 2 ـ يتعرض الأشخاص لإبادة مادية ومعنوية حسب العرق والدين والسياسة 3 ـ هدم الأساس الاقتصادي للشعب.
× من ناحية الوحشية: 1 ـ الإبادة باستخدام الأسلحة الكيماوية والجرثومية والقنابل الحارقة وقنابل الفاكوم. 2 ـ الجرائم والتعذيب الممارس في مخيمات الاعتقال. 3 ـ عمليات التعذيب لإبادة (العرق) باستخدام وسائل تعذيب تستهدف القدرة الإنجابية. 4 ـ التعذيب والإعدام الجماعي دون محاكمة.
× من ناحية الصفاقة: 1 ـ نظام الدولة الموضوع لبيع جثث المحتجزين والأسرى الذين أصيبوا بإعاقات في مخيمات الاعتقال إلى ذويهم. 2 ـ اختطاف الأشخاص على مستوى حكومي. 3 ـ توريط بعض الشيشانيين بعملية الإبادة لإخفاء هدفها الحقيقي.
5. القيام بدعاية مغرضة تحط من قدر وسمات الشعب الشيشاني بهدف تشكيل صورة سلبية عنه لتحريك مشاعر الكره لدى الشعوب الأخرى تجاه الشيشانيين.
.......................................................................................

أنواع الإبادة في الشيشان ـ 2
عمر خانبييف
الجزء الثاني
رغم أن كثيرا من شعوب العالم ذاقت ويلات مخيمات الاعتقال الفاشية إلا أني لم أتمكن حتى الآن من فهم سبب عدم مبالاتها بمخيمات الاعتقال وعلى الأخص أنه من الممكن تخمين من ستكون الضحية التالية... وكونوا على ثقة من أن الفاشية تجد على الدوام "سببا" لارتكاب هولوكوست وساماشكي جديدة.
------
التجديدات التي أدخلها بوتين في أسلوب إبادته للشيشانيين
في الشيشان تمت تغطية الإبادة بغطاء مناسب بعد أن أطلق عليها اسم "عملية مكافحة الإرهاب" واستخدمت مصطلحات مثل "المولا" و"قتلة" كستار للتغطية على إبادة الشعب الشيشاني. ولعل أبرز "الإجراءات" الجديدة التي ابتكرها بوتين هي بيع جثث المعتقلين الذين يتوفون أو يصابون بعاهات دائمة أثناء اعتقالهم إلى ذويهم واستخدام النقود التي يتم الحصول عليها من "هذه الإجراءات" لدفع رواتب الجلادين.
ولقد تحدث ذلك الرجل الذي يطلق عليه اسم رئيس روسيا عن هذا الأسلوب لدى ظهوره في أحد البرامج على التلفزيون الروسي عندما كان يشرح لجنرالاته بليدي الذهن، مستخدما تلميحات واضحة أمام المشاهدين، كيفية وضرورة حل مسألة دفع مرتبات الجنود في الشيشان بشكل سريع. أي أنه كان يتحدث عن نهب المدنيين الشيشانيين.
مع هذا فإن هتلر فاق بوتين بموضوع شفافية الأفكار حيث أنه أسس "علما ليثبت تفوق العرق الآري". لكن إذا ما وضعنا بعين الاعتبار أن بوتين إنسان حاقد محدود الذكاء ندرك، حسب قناعتي، بأن تفكيره المحدود لم يخوله فعل شيء كهذا. لكني لا أستبعد مع ذلك تشكيله مجموعة من المتملقين والعلماء المزيفين لمحاولة مساعدته بإثبات أنه على صواب بإبادة الشعب الشيشاني.
مخيمات الاعتقال
حسب المعلومات الرسمية الصادرة عن حكومة الشيشان ـ إتشكيريا فإن أكثر من أربعين ألف شيشاني مدني قضوا نحبهم في مخيمات الاعتقال الروسية منذ بدء اندلاع الحرب الثانية (وهذا الرقم لا يشمل الذين قتلوا خلال عمليات القصف أو التطهير). كما أن أكثر من عشرين ألف آخرين اختفوا دون أن يتركوا وراءهم أي أثر، ويخضع عدد مماثل تقريبا للتعذيب والإعدامات دون محاكمة في مخيمات الاعتقال. أنا بنفسي خضعت لعمليات التعذيب التي يمارسها الروس عندما كنت معتقلا في إحدى تلك المخيمات وبما أني طبيب أطلع أيضا وباستمرار على المشاكل الصحية التي يعاني منها الأسرى السابقين من جراء التعذيب الروسي. وقد توصلت لقناعة تفيد بأن معظم طرق التعذيب قد أعد بأدق تفاصيله وأساليبه في مختبرات خاصة للاستخبارات الروسية. وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار تكرر أغلب تلك الأساليب بأدق تفاصيلها في معتقلات مختلفة ندرك أنه لا بد وأن يكون هناك منهج نموذجي أو شخص من موسكو يعلم الأسلوب الصحيح الذي يجب إتباعه لإحداث إعاقة لدى الأسير وضرورة جعله يعاني ويتعذب. بناء على البحوث والتحليلات التي قمت بها شخصيا يمكن تقسيم التعذيب المنهجي المستخدم على الأسرى الشيشانيين في المعتقلات الروسية كما يلي:
1. تعذيب نفسي: أ) فردي ب) جماعي
2. تعذيب جسدي: أ) فردي ب) جماعي
3. تعذيب يستهدف القدرة الإنجابية
4. تعذيب يفضي إلى الموت
التعذيب النفسي
وأشيع أنواعه هي التالية:
1 ـ "التعذيب بالتهديد بالقتل": هذه التجربة يخضع لها معظم الأسرى وأنا أعرف جيدا ما يشعر به الإنسان عندما يتعرض لها. وبالتأكيد تختلف ردود فعل كل شخص تبعا لتكوينه النفسي. عندما خضعت أنا لهذا التعذيب الرهيب عشت توترا نفسيا شديدا لا تمكن مقارنته حتى بالشعور الذي ينتاب الإنسان عندما يكون عرضة للموت في أية لحظة تحت القصف أو في حقل ألغام. حيث يشعر الشخص عند تعذيبه بهذا الشكل أنه عاجز تماما عن الدفاع عن نفسه وفي مأزق لا يستطيع الخروج منه.
وبعد فترة من الزمن تشعر بأن عقلك فقد قدرته على إدراك الأمور والأحداث وتصبح عاجزا عن إبداء ردود فعل فعالة رغم أنك تشاهد وتدرك كل ما يجري حولك بوضوح. حسب ما أذكر فإني قررت عندما كنت معتقلا أن أصرخ "الله أكبر!" فور سماعي صوت سلاح. ولم يكن قراري هذا نابعا من إيماني وشجاعتي فقط بل كان نوعا من ردود الفعل الصادرة عن وعي وإدراك والرامية لمقاومة المهاجم. فقد كنت أعلم بأن ذلك هو السلاح الوحيد الذي أملكه لإغاظة عدوي.
إن الإنسان لا يتخلص من هذا التوتر إلا بصعوبة وبعد مضي فترة طويلة من الزمن، وهذا التوتر يجعل الإنسان يشعر بأن ثمة أشياء ما قد ماتت بداخله. وسرعان ما ينتابك إحساس بأن الموت ليس شيئا رهيبا بل على العكس هو المخلص الذي سينقذك من التعذيب الروسي الوحشي الهمجي البعيد كل البعد عن الإنسانية.
2 ـ "التعذيب بإجبار المعتقل على سماع أصوات المعذبين": في مخيمات الاعتقال يجبر المعتقلون وخلال ساعات الليل على الأخص على سماع صيحات وصراخ ضحايا التعذيب التي تمزق قلب الإنسان وفؤاده. وهذا الأمر يخلف حزنا وأسى عميقين لدى الأسرى الآخرين وتحرم المعتقلين الذين نحلت أجسادهم بسبب الضرب والتعذيب من النوم. وكانت هذه الصرخات تدفع معظمنا للاحتجاج على ما يجري وإبداء ردود فعل ثائرة رغم أننا كنا نحن أيضا على شفا حفرة من الموت. كما أنها كانت ترسم في ذهن كل أسير صورا مختلفة لعمليات التعذيب التي تنتظره والتي لم تمارس عليه بعد مما كان يثير ذعرا وخوفا يسرقان النوم من العيون.
3 ـ "التعذيب بإهانة الكرامة الإنسانية": تستهدف تصرفات الجلادين بالدرجة الأولى وفي جميع مخيمات الاعتقال بلا استثناء القضاء على الكرامة الإنسانية. والهدف الأول للجلادين الروس في هذه المخيمات هو سحق الروح المعنوية للمعتقل والقضاء عليه ومعاملته كحيوان. في تشيرنوكوزوف يجبر الأسرى على الزحف من أول الممر إلى آخره والاستلقاء على بطونهم عند وصولهم لنهاية الممر ولقد مات الكثير من الشبان الشيشانيين لأن كرامتهم منعتهم من الامتثال لأوامر الجلادين.
توجد الكثير من الأدلة حول عمليات التعذيب الجنسي الممارسة على المعتقلين الذكور الذين لا يبقى سوى القليل جدا منهم على قيد الحياة. وأود القول هنا بأن هذا النوع من التعذيب المهين يفضي في كثير من الأحيان بصاحبه إلى الانتحار رغم أن هذا الأمر لا يتماشى مع العقلية الشيشانية. أما المعتقلين الذين يبقون على قيد الحياة فيقولون بأن فكرة الانتقام هي التي ساعدتهم على البقاء أحياء وبأن هدفهم الوحيد طيلة حياتهم هو الانتقام من الأعداء.
4 ـ "التعذيب بإجبار الشخص على مشاهدة تعذيب الآخرين": إن الأشخاص الذين يجبرون على مشاهدة المعتقلين الآخرين أثناء تعذيبهم يروون بكثير من الانفعال ما يشاهدونه وهذا أمر طبيعي. عندما قام الروس بنقلنا إلى ديفكار ـ إيفلا (تولسوف ـ يورت) في شهر شباط/فبراير من عام 2000 شرعوا بإلقاء الجرحى منا خارج الحافلة التي كانت تقلنا وقد تقطعت أطراف معظم الذين كانوا يلقون إلى الخارج بسبب اصطدامهم بألغام وكان منهم من هو بحاجة لتدخل جراحي لكننا لم نتمكن من إنقاذهم. وكانت عناصر القوات الروسية الوحشية تركل بأقدامها الأيدي والأقدام المبعثرة هنا وهناك. ولا تزال صيحات الجرحى التي تمزق الفؤاد وتعابير وجوههم تلاحقني حتى الآن. ولا أزال أذكر شعوري بالصدمة حينها لدرجة أنني لم أعد أشعر بالألم عندما بدأوا يضربوني. لقد كانت صيحات الضحايا المساكين ترن في أذنيّ وتعابير وجههم تتراءى أمام عينيّ. وكأن الحياة توقفت عند ذلك المشهد.
كنت آمل أن يخفف مرور الزمن من إحساسي بالألم عندما أتذكر تلك اللحظات، لكن للأسف... في إحدى المرات شعرت بالسعادة وضحكت وأنا أرى ابني الصغير يلعب ويجري حولي، لكني فجأة وأنا أتحدث سمعت بوضوح أصوات الضحايا المساكين ورأيت تعابير وجههم المتألمة. وإذ بابني يهرع نحوي خائفا ويسألني: "أبي، ماذا جرى لك لقد أصبح لونك شاحبا للغاية؟" وعندها أيقنت بأن تلك الذكريات لن تمحى من مخيلتي أبدا.
عندما تقتل الأشياء الجامدة، كالرصاص أو القنابل أو الألغام، الناس أمام عينيك فإنها تخلف جروحا عميقة في نفسك، إلا أن هذه الآثار لا تمكن مقارنتها بعمق وزخم المشاعر التي يشعر بها الإنسان وهو يرى بأم عينيه كائنا بهيئة بشرية يقتل إنسانا، أو يركل بقدميه أشلاء متناثرة هنا وهناك، أو يهشم الأضلاع أثناء التعذيب، أو يقطع أذني إنسان سليم الخلقة، أو يضع مسامير تحت أظافره، أو يسلط كلابا مدربة على شخص أعزل لا حول له ولا قوة...
5 ـ "التعذيب باستخدام الألفاظ النابية": إن الآثار التي يخلفها هذا النوع من التعذيب في نفس المعتقل لا تقل عن وسائل التعذيب الأخرى. فالتهديد بالقتل ووصف تفاصيل التعذيب الذي سيخضع له المعتقل والذي سيؤدي إلى وفاته والتفوه بألفاظ تسيء للكرامة الوطنية وتحقر الإنسان والألفاظ النابية التي يعجز اللسان عن تكرارها كل ذلك يخلف لدى المعتقل آثارا نفسية عميقة لا تمحى. فجميع المعتقلين السابقين تقريبا تحدثوا عن انعدام أخلاقيات وثقافة العدو.
ولعل ذلك هو الشيء الإيجابي الوحيد الذي يفوز به المعتقلون بعد تجربتهم في جحيم الاعتقال. فالأسرى السابقون يقولون بأنهم باتوا يشعرون بالفخر بسبب قوميتهم لأنه من الصعب العثور بين الشيشانيين على أشخاص عديمي الأخلاق والمبادئ مثل أولئك. وهذا الإحساس بالتفوق الأخلاقي والثقافي على العدو يخفف من الآثار النفسية السلبية على المعتقل فقد أجمع كل الأسرى السابقين تقريبا على أن هذا الشعور ساعدهم على التماسك خلال فترة احتجازهم في جهنم الاعتقال.
6 ـ التعذيب النفسي الجماعي "التطهير": كما قالت إلينا بورنير في إحدى المرات فإن الشيشان تحولت بأسرها اليوم إلى مخيم اعتقال كبير. فجميع الشيشانيين من أصغرهم وحتى أكبرهم سنا باتوا أسرى هذا المخيم وعرضة لتعذيب نفسي جماعي منظم تحت اسم "التطهير". فكل يوم تحصد الصدمات النفسية أرواح العشرات، وأحيانا يموت مئات المدنيين جراء نزيف دماغي وأزمات قلبية.
ويزداد عدد هؤلاء الضحايا مع غياب كافة أنواع الرعاية والخدمات الطبية بل وحتى المخدر الطبي اللازم لمعالجة ضحايا القصف وإطلاق الرصاص.
خلال العامين الماضيين لم يدخل الشيشان أية أجهزة علاج نفسي رغم الحاجة الماسة إليها لعلاج آثار التوتر والصدمات النفسية التي تصيب الأشخاص بسبب الظروف الراهنة. ولقد باءت كافة الجهود والمبادرات التي قمت بها لدى الأمم المتحدة والاتحاد الأوربي وجميع منظمات المساعدة الإنسانية الدولية بسبب منع روسيا لهم من دخول الشيشان. ومنطق الحكومة الروسية بهذا الخصوص واضح وضوح الشمس: إذا ما كان الشعب يباد فما هي حاجته للمساعدات الطبية؟
...............................................................................

أنواع الإبادة في الشيشان ـ 3
عمر خانبييف
إن أساليب التعذيب الفردية المطبقة على الأسرى في مخيمات بوتين للاعتقال متعددة جدا وأنا سأحاول هنا عرض الوسائل الأكثر شيوعا التي يخضع لها المعتقلون. إن هذه الأساليب وحسب اعتقادي ليست نابعة من تصرفات أشخاص ساديين مرضى بل إنها، ودون أدنى شك، أعدت في مختبرات خاصة للاستخبارات الروسية.
التعذيب الجسدي
سأكتفي هنا بالحديث عن وسائل التعذيب الأكثر شيوعا والمتبعة في جميع مخيمات الاعتقال:
1. التعذيب بالصدمات الكهربائية: جميع الأسرى تقريبا خضعوا لهذا التعذيب حيث يتم وصل أقطاب كهربائية بمناطق حساسة من الجسم كالأعضاء التناسلية والأذن والأنف وتحت الإبطين وغيرها. ورغم وجود تقارير حول أن هذا النوع من التعذيب يؤدي لإصابات في العضو الذكري ويسبب الإصابة بالبروستات على سبيل المثال إلا أني كطبيب كنت أرفض تصديق ذلك في بداية الأمر، لكن لدى قيامي بعلاج مرضى خضعوا لتعذيب من هذا النوع اقتنعت بصحة الأمر. حسب وصف ضحايا هذا التعذيب فإنه يتم إدخال أحد الأقطاب الكهربائية إلى الأمعاء وربط القطب الآخر بالعضو الذكري وعند تشغيل الدارة الكهربائية يشعر الشخص بآلام فظيعة في المنطقة السفلى من البطن. والأشخاص الذين تعرضوا لهذا النوع من التعذيب عانوا لفترة طويلة من مشاكل في التبول ومن آلام في منطقة ما بين الفخذين والجذع. حسب رأي فإن هذا الأسلوب لا يمكن أن يعده ويطبقه إلا طبيب مختص على مستوى رفيع وهذا يعني أن أساليب التعذيب يتم إعدادها في مختبرات خاصة.
2. "السنونو": وهو من أشيع أساليب التعذيب المستخدمة حيث يتم ربط اليدين والقدمين إلى الخلف وسحب المعتقل وتعليقه لساعات طوال. وهذا الأمر يتسبب بإحداث آلام لا تحتمل في المفاصل. يشعر الأسرى الذين يخضعون لهذا التعذيب بالألم حتى بعد مضي فترة طويلة وكأنهم عذبوا بالأمس.
3. "قناع الغاز": يتم إجلاس المعتقل على كرسي مثبت بمسامير إلى الأرض وتغل يداه وقدماه من تحت الكرسي بالأصفاد ومن ثم يوضع على وجهه قناع الغاز ويغلق مجرى التنفس. ويبدأ المعتقل يشعر بالاختناق لانعدام الهواء ويتخبط في مكانه محاولا تخليص يديه مما يتسبب بإحداث إصابات خطيرة لديه ويبدأ يشعر بفقدان الوعي وبضغط عال في رأسه وبأن عيناه تخرجان من محاجرهما ببطء وتبدأ أصوات الجلادين وضحكاتهم وهم يقولون "تنفس بعمق" تبتعد رويدا رويدا ويشعر الشخص بأنه يهوي من حالق وسط ظلام دامس بعد ذلك يبدأ باستعادة وعيه ببطء وصعوبة ويبدأ بالهلوسة وأول ما يخطر على باله حينها هو: "ماذا جرى لي وأين رفاقي الآخرين؟" ويبدأ يشعر بأنه يموت وينتقل إلى العالم الآخر شيئا فشيئا ولكن فجأة يعود للحياة من جديد. إنه شعور بحت بتوقف الإحساس عن الحياة ولا يبقى لدى الشخص أية ذرة من الخوف أو الفرح لبقائه على قيد الحياة. تلك مشاعر الشخص الذي يعذب بهذه الطريقة. وبعد مضي فترة من الزمن يكون أكثر ما يرغب به الإنسان الذي عانى من تعذيب كهذا هو ألا يخضع له مرة أخرى ويساوره الخوف من أن يعيش نفس التجربة مرة ثانية ويقول لنفسه متسائلا "لقد خضعت لهذا التعذيب مرة وتمكنت من البقاء حيا لكن هل سأتمكن من ذلك إذا ما تكرر الشيء نفسه مرة أخرى؟"
4. "الإطعام": يحرم المعتقل من الطعام والشراب لعدة أيام ثم يقوم الجلادون بإجباره على فتح فمه ويسحبون لسانه، بعد أن يكون قد أنهكه الجوع والعطش، بواسطة الكماشة ويسحقونه حتى يدمى ومن ثم يجبر الشخص على شرب حساء ساخن فيه الكثير من الملح والبهارات. وهكذا يجبر المعتقلون على "تناول طعامهم" مطلقين صيحات مدوية بسبب الآلام الفظيعة التي يشعرون بها، عندها يشعر الجلادون الساديون بالسعادة وهم يرون ذلك.
5. "سن ناب الذئب": يربط الأسرى على كراسي وتسحب ألسنتهم وتوضع على قطعة خشب ويقوم الجلادون بسن أسنان المعتقل بالمبرد وهم يضحكون قائلين أنهم "يسنون أنياب الذئب".
6. "الطاولة المستديرة": تربط أيدي المعتقلين ويتم إجلاسهم على طاولة خشبية ووجوههم متقابلة ثم يسحب لسان كل معتقل ويدق بالمسمار على طرف الطاولة. ويسمي أفراد طاقم المخيم هذا الأسلوب بـ "اجتماع الدائرة المستديرة الشيشاني" ويهرعون جميعا عند تنفيذ هذا النوع من التعذيب لمشاهدة "المنظر".
أنواع التعذيب الرامية لحرمان الشخص من قدرته الإنجابية
توجد الكثير من الأدلة حول ممارسة هذه الأنواع من التعذيب إلا أنه يصعب جدا على الشيشانيين الحديث عنها بسبب تربيتهم فإلى جانب تعذيب الذكور بالصدمات الكهربائية في أماكن حساسة لدينا معلومات حول استخدام أساليب تعذيب مدبرة بهدف حرمان الأشخاص من قدرتهم عن الإنجاب.
ومن المعروف بأن هذا الأمر مطبق في وسائل التعذيب الجماعية على الأخص ففي مخيم تشيرنوكوزوفا على سبيل المثال يدخل شبان عراة إلى حجرات ذات أرضية بيتونية مغطاة بألواح سميكة من الجليد ويجبرون تحت التهديد بالهراوات على الجلوس عليها ويبقون على هذه الوضعية لساعات عدة. يتسبب هذا النوع من التعذيب بحدوث التهابات بعظم الحوض ونظرا لعدم معالجة المعتقلين تتسبب هذه الالتهابات بأضرار دائمة للشخص.
وهكذا يصاب هؤلاء الشبان وهم في مقتبل العمر بأمراض ستلازمهم طيلة حياتهم. هناك الكثير من الأدلة حول أن وسائل التعذيب التي يمارسها المحتلون على المدنيين تثبت انعدام أخلاقيات المحتل ومبادئه لعل أبرزها هو هتك العرض...
إن أساليب التعذيب الفردية المطبقة على الأسرى في مخيمات بوتين للاعتقال متعددة جدا وأنا سأحاول هنا عرض الوسائل الأكثر شيوعا التي يخضع لها المعتقلون. إن هذه الأساليب وحسب اعتقادي ليست نابعة من تصرفات أشخاص ساديين مرضى بل إنها، ودون أدنى شك، أعدت في مختبرات خاصة للاستخبارات الروسية.
إضافة لكل ما ذكرناه توجد وسائل تعذيب أكثر وحشية تطبق على الأسرى كقطع الأصابع والأيدي والأرجل وفقئ العيون وتهشيم العظام وقطع الألسنة والأعضاء التناسلية والضرب على الكلى والرئة والطحال إلى أن تصاب بأمراض مستعصية لا براء منها...
إن أكثر ما أثار عجبي أنا كطبيب هو حضور أطباء عسكريين روس بأغلب الأحيان أثناء عمليات التعذيب وهناك الكثير من الأدلة حول الدور الذي يلعبه الأطباء في تعذيب الأسرى أو إصابتهم بعاهات مستديمة أو قتلهم.
يطلق الروس على عمليات التعذيب التي تفضي إلى الموت خلالها أو بعدها اسم "القاضية" أي أن مجموعات الإعدام السادية تعتقد أن الأشخاص الذين يتعرضون لهذا التعذيب هم بالأساس أشخاص لا يستحقون الحياة.
بالإضافة إلى شهادات المعتقلين والسكان تتوفر لدينا أدلة وأفلام وثائقية حول قيام الجلادين بإلقاء جثث الأشخاص الذين يموتون بسبب التعذيب في القرى أو المقابر الجماعية.
تتردد أقاويل حول أخذ أعضاء الأسرى في مخيمات الاعتقال وبيعها إلا أنني كجراح لا أصدقها كثيرا لأني أعلم بوجوب توفر تقنيات معينة للقيام بنقل الأعضاء.
ليس لدي أدنى شك بأن القيام بأفعال كهذه يتطابق مع هيئة الحكومة الروسية إلا أني أعتقد أنه غير ممكن في الشيشان نظرا لصعوبة توفر التقنيات اللازمة لذلك. ولكن من يدري؟ فالمحتلون يفعلون هناك الكثير الكثير من الأمور التي لا يمكن تصديقها.
إننا نعلم بوقوع حوادث تسميم في مخيمات الاعتقال باستخدام مواد سامة حديثة مما يستدعي إجراء فحص طبي على جثث المعتقلين واستخراج أعضائهم الداخلية لفحصها في المختبرات. وهناك ما يحمل على الاعتقاد باستخدام مختبرات المراكز الطبية في داغستان وأوسيتيا الشمالية لهذا الغرض.
أتيحت لي الفرصة عندما كنت في الولايات المتحدة الأمريكية للتحدث إلى الدكتور كين علي بيك ذو الشهرة العالمية ببحوثه التي يجريها حول هذا الخصوص وقد قال لي: "خلال الفترة السوفيتية كانت تجرب الأسلحة الكيميائية والجرثومية على المرضى النفسيين في العيادات التابعة لوزارة الصحة والآن من الممكن الاعتقاد بأن الروس يجربون الشيء ذاته على الأسرى الشيشانيين". واستناد للحقائق التي حصل عليها الدكتور علي بيك والباحثين الأمريكيين الآخرين نصل إلى نتيجة تفيد بأن الجيش الروسي يجرب في الشيشان أسلحة بيولوجية وكيميائية على المدنيين.
"مما لا شك فيه أنه مع تسلم بوتين مقاليد السلطة في روسيا بدأ يظهر نوع جديد من أنواع الفاشية. وكما هو معروف فإنه عندما بدأت تظهر الفاشية في ألمانيا في ثلاثينيات القرن الماضي كان الغرب حينها أيضا يرقب هذا التطور بصمت وحتى أنه كان يدعم تلك المرحلة اقتصاديا رغبة منه برؤية "ألمانيا هتلر دولة مستقرة وصديقة". ومن المعروف ما انتهى إليه موقف الغرب في ذلك الحين والذي كان بعيدا كل البعد عن المبادئ. وللأسف يكرر التاريخ نفسه اليوم فها هي أمريكا وأوروبا تصفقان للرئيس الجديد الذي أحيا مخيمات الاعتقال كما كان الحال في الثلاثينيات."...
انتهى
الدكتور عمر خابييف، 21 تشرين الأول/أكتوبر 2007

04/11/2007
11/11/2007
25/11/2007
http://www.ajanskafkas.com/haber,17329,15711606160815751593_1575160415731576157515831577_.htm
http://www.ajanskafkas.com/haber,17394,15711606160815751593_1575160415731576157515831577_.htm
http://www.ajanskafkas.com/haber,17538,15711606160815751593_1575160415731576157515831577_.htm

وقف القفقاس: "مأساة القفقاسيين منذ الماضي وحتى يومنا هذا"


وقف القفقاس: "مأساة القفقاسيين منذ الماضي وحتى يومنا هذا"


البيان الختامي للمحاضرة الدولية التي نظمها وقف القفقاس في اسطنبول بتاريخ 21 مايو/أيار 2005 تحت عنوان "مأساة القفقاسيين منذ الماضي وحتى يومنا هذا"

نظم وقف القفقاس الواقع مركزه في اسطنبول بتاريخ21 مايو/أيار2005 محاضرة دولية بمناسبة مرور الذكرى السنوية الـ 141 لانتهاء الحرب الروسية ـ القفقاسية في التاريخ نفسه من عام 1864 وتهجير روسيا القيصرية للشعوب القفقاسية إثر ذلك. اشتملت المحاضرة على 3 جلسات تُلي خلالها 15 بلاغا حول المآسي التي شهدها القفقاس منذ الماضي وحتى اليوم. وقد أُعد هذا البيان الختامي على ضوء الملاحظات والمقترحات التي طُرحت في الجلسات وتم إعلانه على الرأي العام العالمي:

* باديء ذي بدء يجب القول بأن إمكانية حل المشاكل التي يعاني منها القفقاس الذي تعصف به الاضطرابات مرتبطة بتغيير عقلية حكام روسيا القوة المهيمنة في المنطقة. إن العقلية الاستخباراتية لإدارة البلاد المتصفة بالارتياب والتقييد والتدمير تتعامل بعنف مع المشاكل وهي بذلك تُعد أرضية من شأنها زيادة المشاكل عوضا عن حلها. لذا يجب دعم حركة المعارضة المتنورة التي تناضل لتغيير هذه العقلية السائدة لدى الإدارة الروسية كما يجب تشجيع التعاون مع القوى التي ستساهم في إرساء دعائم الديمقراطية في البلاد. فمع حل مشكلة الديمقراطية في روسيا ستُحل أيضا وبدرجة كبيرة المشاكل في القفقاس.
* خلال القرون الماضية استُخدمت في القفقاس القوة المفرطة ضد المدنيين والوحدات السكنية. إن اسم الجرم الكبير الذي اقترفته روسيا القيصرية باحتلالها المنطقة إثر هذه الهجمات وتهجيرها من نجى من السكان المحليين من أوطانهم محدثة بذلك تغييرا جذريا في البنية الديموغرافية، اسم هذا الجرم بحسب وثائق القانون الدولي الوضعي هو "إبادة" و"جريمة ضد الإنسانية".
* لقد استمرت عملية الإبادة هذه في حقبة الاتحاد السوفييتي أيضا حيث هُجر في ليلة واحدة إلى سيبيريا كل من: الشيشان والأنغوش، القراشاي والبلقار، أتراك أخسكا، سكان القرم. وفقدت هذه الشعوب قسما كبيرا من أبنائها بسبب الشروط السيئة التي تعرضت لها خلال التهجير.
* وفي فترة روسيا الفدرالية أيضا يستمر ارتكاب الجرم نفسه ففي الشيشان قُتل نتيجة القصف الجوي أكثر من 250 ألف مدنيا 42 ألف منهم من الأطفال. كما اختفى 20 ألف مدني آخرين بعد أخذهم لأماكن مجهولة وأصبح 400 ألف شيشاني من اللاجئين. إضافة إلى كل ذلك هُدمت 421 قرية عن بكرة أبيها وأزيلت منها تماما أماكن السكن التي تعتبر أصغر مستلزمات الحياة. يتعين على الأطراف المتحاربة في الشيشان وقف إطلاق النار دون أية شروط مسبقة ويجب حتما العمل على حل المشاكل العالقة في جو سلمي عن طريق إجراء مفاوضات متبادلة.
* إن الجراح التي خلفتها عمليات الإبادة في القفقاس والتي أحدثت تغييرا في البنية الديموغرافية له لم تلتئم رغم مرور 141 عاما على أوسع تلك العمليات نطاقا. وعلى العكس تماما تزداد هذه الجراح عمقا يوما بعد يوم.
* يتوجب على إدارة الفدرالية الروسية، الوريثة السياسية لروسيا القيصرية والاتحاد السوفييتي، تحمل مسؤولية الجرائم المرتكبة بحق الشعوب القفقاسية سواء تلك التي اقترفتها بنفسها أو التي اقترفت خلال الحقبتين القيصرية والسوفيتية.
* يجب ومن كل بد تأمين دعم الشعب الروسي أيضا لعملية حل المشاكل العالقة في القفقاس وتوفير السلام والاستقرار لشعوب المنطقة.
* تُتعقب في القفقاس وبقلق التصريحات التي تدلي بها الجهات الرسمية حول "إنهاء وجود الجمهوريات الإثنية". إن هذا النوع من "الأمر الواقع"، الذي أصبح ملموسا بعد الأقاويل التي دارت حول أنه سيتم إلحاق جمهورية الأديغي بمقاطعة كراسنودار وتعمق أيضا بالحديث عن أن الدور سيأتي بعد ذلك على الجمهوريات الأخرى، هو أمر مرفوض رفضا قاطعا. ونود الإشارة هنا إلى أن محاولات استخدام تراجع تعداد سكان الشعوب القفقاسية، جراء سياسات الإبادة المتبعة ضدهم منذ القرن السادس عشر، كورقة ضدهم عبر ألاعيب "الاستفتاء" سيحول دون إحلال مناخ السلام والاستقرار المرغوب بهما.
* عقب صد جمهورية أبخازيا العدوان الجورجي المسلح ودفعها ثمنا باهظا في سبيل ذلك جرت محاولات لمعاقبتها عن طريق فرض حصار عليها وتجويعها إلا أن هذه المحاولات لم تفلح رغم مرور 12 عاما. ينبغي احترام نضال الشعب الأبخازي والجهود الجبارة التي يبذلها للحفاظ على استمرار وجوده وبقائه ويجب منحه حق تقرير المصير. كما ينبغي أن تُرفع وعلى الفور العوائق المفروضة على الدخول والخروج بحرية إلى أبخازيا.
* يجب التحري حول جرائم الإبادة والتهجير التي مارستها روسيا ضد الشعوب القفقاسية وفي مقدمتهم الشراكسة. وينبغي تشكيل منظمة تقوم بتحصيل حقوق الضحايا لدى المؤسسات والهيئات الدولية.
* يجب دعوة المنظمات الدولية كالأمم المتحدة ومنظمة الدول غير المُعترف بها ومنظمات حقوق الإنسان وسائر الأشخاص والهيئات الرسمية والمدنية المعنية لتشغيل كافة آلياتها من أجل إنهاء "الإبادة" التي لا تزال مستمرة في شمال القفقاس منذ القرن السادس عشر وحتى الآن.
* يجب أن يبدأ من الآن الإعداد لمحاضرة مشابهة بمشاركة أوسع يتم تنظيمها بعد عامين في إحدى العواصم الأوربية.
البيان الختامي للمحاضرة الدولية التي نظمها وقف القفقاس تحت عنوان "مأساة القفقاسيين منذ الماضي وحتى يومنا هذا"

تم إعلان البيان الختامي على الرأي العام بتلاوته على مسمع نحو 500 شخص حضروا المحاضرة.

http://www.kafkas.org.tr/arabic/index.html

وكالة أنباء القفقاس: اكتشاف أنقاض مدينة قديمة في القفقاس تعود لـ 15 ألف عام ق. م


وكالة أنباء القفقاس: اكتشاف أنقاض مدينة قديمة في القفقاس تعود لـ 15 ألف عام ق. م


اكتشاف أنقاض مدينة قديمة في القفقاس تعود لـ 15 ألف عام ق. م
الأربعاء 20 آب 2003
أثناء القيام بحفريات من أجل إنشاء جسر على الطريق الفدرالي "قافقاز" القريب من البحر الأسود تم العثور على أنقاض مدينة قديمة على مساحة 50 م2 يعود عهدها إلى قبل 17 ألف عاما
و قال فيتالي ساناكوييف أحد العاملين في مركز حماية الآثار التاريخية أنه تم اتخاذ التدابير اللازمة من أجل حماية هذه الآثار
و قد أوقفت مديرية الطرق الفدرالية أعمالها لفترة بعد العثور على هذه الآثار، التي أحدث اكتشافها ضجة كبيرة في أوساط المهتمين بالآثار التاريخية، كما خصصت مبلغا ماليا من أجل حمايتها
و قد اكتُشف في أنقاض المدينة القديمة جرات تحمل إشارات يعتقد أنها أبجدية قديمة إضافة إلى أوعية و حُلى للزينة
و قال الأخصائيون بعد إجرائهم تفحصات أولية لهذه المكتشفات أنها ربما ترجع للقرن الخامس عشر قبل الميلاد. و لا تزال التفحصات مستمرة من أجل التعرف بشكل أكيد على الفترة التي تعود إليها الآثار. و كان أكثر ما لفت نظر علماء الآثار هو عربة من طراز نادر وضعت عند المقبرة
و يتولى مركز حماية الآثار التاريخية إخراج هذه المكتشفات كما يشارك في تفحصها علماء آثار من مجموعات بحث مختلفة. و قال رئيس فرقة البحث "إيلخوتوف" حسان تشييف أن اكتشاف آثار تاريخية من هذا النوع ليس بالغريب لأن المكان الذي وجدت فيه يقع على طريق تاريخي حيث أنه يستعمل منذ بداية عصر البرونز كطريق تاريخي تعبره القوافل و يصل البحر الأسود بالغرب
و أضاف تشييف:"تم العثور حتى الآن على ثلاثة مقابر تحت الأرض لكن لا يزال عدد المقابر الموجودة غير معروف بالضبط حتى الآن"
و يعتقد علماء الآثار أن آثارا ذات قيمة أكبر ستكتشف في أنقاض المدينة القديمة في غضون الأيام المقبلة(وكالة أنباء القفقاس)

وكالة أنباء القفقاس: اكتشاف مواقع أثرية جديدة في الأديغي


وكالة أنباء القفقاس: اكتشاف مواقع أثرية جديدة في الأديغي


اكتشاف مواقع أثرية جديدة في الأديغي
علماء الآثار يستغيثون لحماية هذه الآثار من التدمير المتعمد
من مراسلنا في الأديغي نارت أستيمرالأربعاء 30 تموز 2003
يقولون هنا في الأديغي أنك أينما ضربت في الأرض فأسا فإنها ستصطدم بأثر قديم مطمور تحت طبقة غير سميكة من التراب. و بين الحين و الآخر نسمع باكتشاف أثر جديد يعود تاريخه لحقبة غابرة من الزمان. و كان آخر هذه المكتشفات هو مجمع مؤلف من عشر *كورغانات
حول هذا الخصوص عقد في السادس و العشرين من تموز الجاري مؤتمر صحفي حضره عالما الآثار أصلان تو و غيورغي بريبيلوف و كذلك ممثل دائرة حماية الآثار في جمهورية الأديغي
تحدث غيورغي بريبيلوف خلال المؤتمر عن أهمية هذا الاكتشاف معتبرا إياه حدثا مهما كونه قد يكشف عن وجود ثقافة قفقاسية أقدم من التي نعرفها في أيامنا هذه
و قدم بريبيلوف شرحا تفصيليا حول الآثار المكتشفة بالقرب من نهر أمينوفكا ليس بعيدا عن قرية حاجوخ. و تظهر الصور التي عرضها عالم الآثار هذه الكورغانات محاطة بتماثيل حجرية بأشكال ديناصورات مختلفة تبدو و كأنها تحمي المنطقة
من جهته تحدث السيد أصلان تو عن الخطر المحدق بهذه الآثار بقوله أنه تجري عملية قطع للأشجار على بعد 300 متر من المنطقة, و بأن السلطات لا تقدم أية مساعدات لحماية هذه المناطق الأثرية. و قال السيد تو أنه كان يوجد في الأديغي أكثر من 300 دولمين لم يبقَ منهم سوى دولمين أحدهما في حالة معقولة يمكن عرضها على السياح. و تابع يقول أنه كانت توجد في نفس المنطقة كمية كبيرة من هذه الدولمينات إلا أن سلطات المنطقة أعطت للسكان ترخيصا لبناء بيوت عليها فتم جرفها بالجرافات و استخدم قسم كبير من أحجارها في بناء أساسات هذه البيوت
أما ممثل دائرة حماية الآثار في الأديغي فتحدث عن ضعف إمكانيات دائرته و نقص العاملين فيها, حيث يعمل 8 أشخاص فقط الأمر الذي يثير السخرية حسب تعبيره
في الحقيقة، إن تخريب هذه الآثار التي تعاصر الأهرامات المصرية هي محاولة لطمس الهوية الثقافية و التاريخية للشعب الشركسي الذي يعتبر أقدم شعوب المنطقة, مع تجاهل واضح من جانب السلطات لهذه الجريمة التي ترتكب بحق آثار هي ملك للبشرية جمعاء(وكالة أنباء القفقاس)

http://www.kafkas.org.tr/arabic/Ajans/2003/Temmuz/30.07.2003_Adigey_kurganlari.htm

من أقوال رياح الحزن..مريم الراوي

من أقوال رياح الحزن..مريم الراوي
من أقوال رياح الحزن..

-1-
المدينة التي نحب أمست غريبة..
ومن جئنا لندفن عيوننا في راحتهم أضحوا غرباء..
ونحن ابعد مانكون عما نعشق..
فأي وطن هذا الذي ننشد واليه نَحِن؟!
-2-
أصاب الإعياء فؤادي,
وجبيني أضحى منصة تدوسها افكاري,ليل نهار,
وماعادت اللحظات تسعف مخيلتي كي يكف القلق عن الهطول.!
فهل يمكن لهذا الكون أن يتسع لأحزاني؟؟
-3-
الكآبة تمضغ قلبي,فلا يجد السرور له زاوية يرقد فيها من فرط الوجع!!
وانا ماعدت انا..وجميع الأشياء ماعدت أعرفها,ولاهي تعرفني..
-4-
اخبرني أبي يوماً ,إن اسعد انسان على الأرض هو الفقير..
وحين دلفت بساتين التعب وغابات الإرهاق,
ولجت دواخل الفقراء..
فكانوا اقرب الى الله من السماء,واشد تمسكاً بالغد ,
واجمل من طائر النهار حين يتوافدون على موائد الرضا..
-5-
قلنا يوماً "بأننا سنصمد ولن نركع"
ومع بداية الصيف سجدنا لهبل الأحمق,,
وتوضئنا من دماء ذلك الأبتر..
وعند المغرب صلينا على بقايا وطن,
وإمامنا كان سيد الرعونة,بل وايضاً أخرق..
-6-
الفكرة ياقومي,
أقدس من ان توضع في جيوب الوقت وتتعفن بمرور الصمت..
والبقاء,
كصرخة تختال بغرور في فم الكون المضرج باللام والآهات اللامنتهية..
-7-
الهزيمة..
هو ان لاتدافع عن الفكرة..
الحدود..
وهم من اسلاك شائكة وكلاب مجنونة بزي عسكري!!
الإحتلال..
هزيمة الذات امام نفسها..
الوطن..
عرين الذكريات المصلوب في الروح الموجوعة..
المستحيل..
فيض من خرافة وادعاء مقيت..
الدرب..
سالكة الى الضفة الأخرى مازال في الأفق نداء وفي العقل يقين..

مريم الـراوي

دولـــــة الـكــــراهــيــــة

روسيا ترقص على أنغام القومية الجديدة، بمباركة واضحة من الكرملين. لكن السؤال هو: لماذا؟
دولـــــة الـكــــراهــيــــة

كتب:أوين ماثيوز وآنا نيمتسوفا
تتحول روسيا بازدياد إلى مكان مخيف. اسأل مارات غيلمان، الذي ارتكب معرضه خطأ استضافة معرض لفنان جورجي في وقت يتعرض فيه الجورجيون للمقت الرسمي. ففي الأسبوع الماضي، تم تخريب معرضه من قبل 10 رجال مقنعين، يقول غيلمان الذي ضرب ضربا مبرحا إنهم: "لم يكونوا من الرعاع، أو من الصعاليك القادمين من الشارع، بل مقاتلين متفوقين في حرفيتهم وخبراء ممن جاؤوا ليقوموا بعملهم". أو اسأل المؤرخ والقيّم أليكساندر بانوف الذي هوجم (لكن لم يسرق) من سفاكين بعد أيام من إدانته للهجوم على غيلمان علنا. أو اسأل الجورجيين العاديين الذين أصبحوا بشكل متزايد ضحايا لابتزاز الشرطة، وهجمات حليقي الرؤوس، ومن بينهم مدير محطة غسيل السيارات إيراكلي بوكيا البالغ من العمر 24 عاما الذي أدرك ضرورة عدم الاتصال بالشرطة الأسبوع الماضي بعد أن ضرب في مترو موسكو: "كنا نحن المهاجرين دائما أناسا من الدرجة الثانية في روسيا. أعرف أن الدولة تقف إلى جانب رجال الشرطة الفاسدين وحليقي الرؤوس".هجمات معادية للمهاجرين، ردة فعل عنيفة ضد المثقفين الناقدين، يبدو أن روسيا تصبح أكثر بشاعة. لكن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ما زال يتسم بالتحدي. فقد اجتمع بالزعماء الأوروبيين في فنلندا من دون أن يتحمل أية محاضرات. وحين طرح وزراء الاتحاد الأوروبي أسئلة حول الفساد في بلاده أشار إلى أن: "«المافيا» ليست كلمة روسية". أما بالنسبة إلى وضع حقوق الإنسان الروسي الذي يتدهور بسرعة واغتيال الصحافية المكافحة آنا بوليتكوفسكايا أخيرا، فقد لمح إلى أن موتها قد يكون نظم على أيدي من يريدون إحراج الكرملين.ومع أنه بقي صامتا في البداية بشأن موجة العنف الموجهة ضد الجورجيين التي تجتاح البلاد، إلا أن بوتين قد أدانها منذ ذاك الوقت. لكنه نفسه بدا وكأنه يحتضن خطا تتزايد قوميته باستمرار. وقال بوتين في وقت أبكر من هذا العام إن المهاجرين غير القانونيين و"العصابات العرقية لا مكان لها" في "بلد مطيع للقانون". ودعا أخيرا إلى إعطاء حصة من أمكنة أسواق بيع الخضار التي يسيطر عليها تقليديا مهاجرون من القوقاز للروس، من أجل "حماية مصالح الروس الأصليين". ولم يمر هذا الخطاب الضاري من دون أن تتم ملاحظته. وتقول سفيتلانا غانوشكينا، رئيسة منظمة "النجدة المدنية" غير الحكومية، إن نبرة الرئيس قد أعطت "إشارة واضحة للبيروقراطيين وأجهزة الأمن. فكلمات بوتين تلهم الحركات القومية التي تنمو في جميع أنحاء روسيا".العنصرية ليست جديدة على روسيا. لكنها لم تكن تحظى بالحماية قط من مثل هذه المستويات العليا في الحكومة في الأزمنة الحديثة. وقد تم ترحيل أكثر من 1000 جورجي خلال الشهر الماضي، كما يقول فلاديمير خوميريكي، رئيس مجلس الجمعيات العرقية في روسيا، الذي يزعم أن كل مصلحة يملكها جورجيون تمت زيارتها من الشرطة أو مفتشي البلدية. وأصبح تفتيش الشرطة عن الناس ممن لا يتمتعون بسمات سلافية أكثر تكرارا، كما هو الأمر بالنسبة إلى الهجمات العنيفة، وفقا لمنظمة مراقبة حقوق الإنسان التي لم تستطع تجميع أرقام محددة بسبب تعليق نشاطاتها مؤقتا بموجب قوانين جديدة تحكم المنظمات غير الحكومية الأجنبية. وتم تغريم 300000 شخص العام الماضي بسبب انتهاكات قوانين الهجرة في موسكو فقط. وتضاعفت الأعداد مرات عدة هذا العام، وفقا لمنظمة النجدة المدنية. ويقول بوكيا إنه ضرب من قبل الشرطة وحليقي الرؤوس خلال الشهر الماضي: "إنهم يجعلوننا نعيش وكأننا في حرب، بحيث لا نخرج أبدا من ملاجئنا".لا تشكل أي مجموعة مقياسا أكثر من حركة معارضة الهجرة غير القانونية، وهي منظمة قومية تدعي أنها أقوى منظمة غير حكومية في روسيا بأعضائها البالغ عددهم 20000 وفروعها في 15 إقليما. وقد نشأت العام الماضي بعد أن رعت احتجاجات دعما لألكساندرا إيفانيكوفا، وهي امرأة روسية قتلت سائق تاكسي أرمنيا تزعم أنه حاول اغتصابها. وزعيم المجموعة، ألكساندر بوتكين، هو محام أنيق في الـ30 من عمره يدعى باسم مستعار هو ألكساندر بيلوف، وهو اسم مشتق من كلمة روسية تعني "الأبيض". وقد تحول إلى شخصية في وسائل الإعلام القومية في أكتوبر بعد تفجر احتجاجات معادية للمهاجرين في بلدة كوندوبونغا في شمال روسيا، أجبرت عشرات من غير الروس على الهرب بأرواحهم. واشتكي بيلوف على شاشة التلفزيون القومي وهو في كوندوبونغا، عقب الاحتجاجات التي لم تترك مطعما أو مصلحة مملوكة لغير الروس دون أن تنهبها أو تحرقها، ويضيف: "رجال من القوقاز ضربوا الفتيات في نادي الديسكو الليلي واغتصبوهن. لقد طرد سكان كوندوبونغا المجرمين من بينهم".الدور الذي قد تكون مجموعة بيلوف لعبته في العنف ليس واضحا، لكن شعاره بسيط. فقد قال لنيوزويك خلال مقابلة في مقهى راق في موسكو: "إن روسيا للروس. روسيا لا تحتاج إلى المهاجرين من أجل العمل. يمكن لروسيا أن تقوم بكل شيء من دون أي أجنبي. نحن لا نحتاج إليهم هنا". وبدا أنه يحمل ضغينة خاصة ضد مهاجري طاجيكستان. فهو يدعي أنهم: "ينشرون الأمراض ويغتصبون الفتيات الروسيات"، إضافة إلى استيراد الأفيون الذي "قتل 100000 روسي". ويقول بيلوف إنه يحظى بتأييد واسع من الروس، بمن فيهم "مديرون ناجحون من المستوى المتوسط في شركات مثل «غازبروم»، والطلاب، بل حتى الصحافيون".وقد يكون ذلك أضغاث أحلام. لكن الأسبوع الحالي سيشكل اختبارا رئيسيا حين يجتمع القوميون للاحتفال بيوم الوحدة الوطنية الروسية في 4 نوفمبر. يقول بيلوف: "سيكون يومنا، سيكون هناك ما بين خمسة و10 آلاف من أعضائنا في شوارع موسكو!" في غضون ذلك، تم توظيف بيلوف أخيرا مساعدا لنائب الدوما أندريه سافيلييف من مجموعة رودينا القومية التي تدعي وجود ضباط من الشرطة والأمن العام بين مؤيديها.يثير كل ذلك الخوف لدى أناس مثل غيلمان، وهو محلل سياسي بارز إضافة إلى كونه وكيلا لبيع الأعمال الفنية، الذي يرى أن الاتجاه القومي الجديد يصبح جزءا من التيار الرئيسي: "تغيرت الأشياء بشكل كبير في روسيا خلال نصف العام الأخير، إذ يشعر القوميون بأن الحكومة تقف كليا إلى جانبهم، وأن زمنهم قد جاء. وهم يظنون أن جميع القضاة والشرطة يؤيدونهم". ويحذر غيلمان من أنه إذا لم يتم وقف المد القومي المتصاعد بحلول الربيع المقبل، قبل حملة الانتخابات البرلمانية، فإن "هذه المجموعات ستبدأ حملاتها بنسب تأييد عالية تثير القلق".ويعرف غيلمان مخاطر اللعب بورقة القومية بشكل جيد جدا. فقد كان خلال الانتخابات الأخيرة عام 2003، مستشارا أساسيا لمجموعة تؤيد الكرملين من "التكنولوجيين السياسيين" كما يدعوها، أسست حزبا معارضا نوعا ما صمم لسحب الأصوات الاحتجاجية المعارضة للحكومة من الحزب الشيوعي القوي. كان اسم الحزب رودينا، أو الوطن الأم، وكانت رسالته قومية صرفة. وقد نجحت اللعبة نجاحا كبيرا. حصل رودينا على 7.9 بالمائة من الأصوات، فحولته من حزب بوتمكي معارض إلى تهديد حقيقي. وفي أعقاب ذلك، قاوم زعيم رودينا المغرور، ديميتري روغوزين، جهود رجال بوتين للتحكم بالحزب ولعب وحده، قبل أن يتعرض لضربة حين منع حزب رودينا من خوض الانتخابات البلدية في موسكو العام الماضي.إن المسألة المطروحة الآن هي الدرجة التي يسعى فيها الكرملين إلى تحويل القوة الجبارة للقومية السياسية لمصلحته، خاصة وهو يتطلع إلى الهيمنة على الدوما في انتخابات عام .2007 وهي أمر مهم في حد ذاته، لكن أهميته تزداد العام المقبل بشكل خاص لأن هذا البرلمان هو الذي سيكرس جدول أعمال خليفة بوتين عام .2008 يبدو أن الرئيس يحاول الآن اللعب على الحبلين في آن واحد. ففي الأسبوع الماضي، قال لمشاهدي التلفزيون عبر برنامج اتصالي على مستوى البلاد إنه "يتألم" وهو يتكلم عن التطرف في روسيا، وقال إنه يجب "التعامل معه بسرعة وحسم". كما أن قيامه بدور المدافع عن مصالح "العرقية الروسية" وسياسته الخارجية المتحدية في تأييدها للروس في الوقت نفسه ما هي إلا ضربة واضحة سعيا وراء الناخبين وعامل أساسي في نسبة الموافقة على أدائه التي تبلغ 80 بالمائة.ليس هناك من يعارض بوتين في صفوف القوميين الجدد، كما يشرح الروائي غريغوري تشارتيشفيلي المولود في جورجيا، والمشهور باسمه المستعار، بوريس أكونين. وعلى عكس ذلك، "يريد بوتين تحسين شعبيته عن طريق اللعب على وتر رهاب الأجانب. يمكنك أن تكون متأكدا من أن مسيرة المتعصبين الروس في [4 نوفمبر] ستحمل صورا لبوتين". ويحذر تشارتيشفيلي من أن الخطر الحقيقي يكمن في قدرة القومية على الخروج عن السيطرة: "إذا لم تبعد الحكومة نفسها عن القومية الروسية في المستقبل القريب، فإنها لن تتمكن من السيطرة عليها".قد تكون آنا بوليتكوفسكايا الضحية الأكثر ظهورا لما يدعوه الناقد الفني المضروب ألكساندر بانوف بـ"مناخ البربرية الجديدة". فقبل مدة غير طويلة من مقتلها وضع اسمها على لائحة لـ"أعداء روسيا" تم تجميعها من نيكولاي كورينوفيتش، وهو نائب في الدوما من حزب فلاديمير زيرينوفسكي الليبرالي الديموقراطي المتطرف قوميا، وعضو لجنة الأمن في البرلمان الروسي. وقد ورد اسم غيلمان ضمن القائمة أيضا. ويقول كورينوفيتش الذي ينفي ضلوعه في أي من الهجومين إن الوقت قد حان للروس "لينهضوا من غفوتهم وليحرروا روسيا من المحتلين الأجانب".قد يكون من عجائب الأقدار أن قتلة بوليتكوفسكايا قد شعروا بالجرأة الكافية للتخلص من أحد "أعداء روسيا"، وخاصة بعد أن هددها رئيس وزراء الشيشان المعين من الكرملين، رمضان قديروف (أحد المفضلين عند بوتين) علنا أيضا. وتدل إشارات القضية الأخيرة على أن موتها ربما يكون قد نظم من قبل أصدقاء وزملاء وأقرباء ضابط من القوات الروسية الخاصة هو لفتننت الشرطة أومون سيرغي لابين، الذي صدر ضده حكم بالسجن 11 عاما في مارس الماضي بعد أن كشف تقرير لبوليتكوفسكايا عن دوره في جريمة قتل ما يصل إلى 12 مدنيا شيشانيا في يناير عام .2001 ويزعم أن ضابطي شرطة آخرين متورطان في جرائم القتل هما الميجور ألكساندر بريليبين واللفتننت كولونيل فاليري مينين، قد هددا بقتل بوليتكوفسكايا قبل أن يختفيا عن الأنظار. لكنهما شوهدا أخيرا في بلدتهما نيزنيفارتوفسك في منطقة خانتي» مانسيسك في سيبيريا، طبقا لمصدر في مكتب المدعي العام الفيدرالي الروسي غير مخول بالحديث علنا، وهما "متهمان رئيسيان" بجريمة القتل.وبينما تتمتع روسيا بثروتها النفطية وثقتها التي دبت بها من جديد ــ بعد سنوات من الفقر والإذلال الذي أعقب سقوط الإمبراطورية ــ فإن من الطبيعي أن يتبع ذلك عودة الحياة إلى الفخر القومي. وقد تأكد بوتين تماما من أنه يشكل، من دون غيره، مركز عودة الحياة القومية، وأنه المستفيد منها. إذن لماذا الرغبة في لعب الورقة القومية؟ يتمتع الروس العاديون بالاستقرار والازدهار الذي لم يشهدوه منذ جيل. فلا يجب على زعماء البلاد، مع وجود قوتهم ومالهم وشعبيتهم، أن يشعروا بالحاجة إلى زيادة تعزيز مواقعهم عن طريق اضطهاد الجورجيين أو طرد المهاجرين. لكن الكرملين اختار، بدلا من ذلك، تحويل القومية إلى عملة للسياسة الروسية. وقد تثبت أنها سلاح خطر.تاريخ النشر: الثلاثاء 7/11/2006
© 2001-2006 دار الوطن للصحافة و الطـباعة و النشر حقوق الطبع محفوظة

الأحد، 19 أكتوبر 2008

أوسيتيا الجنوبية تتهم جورجيا باختطاف ثلاثة مدنيين

أمرت بالرد على أي إطلاق نار تتعرض له

أوسيتيا الجنوبية تتهم جورجيا باختطاف ثلاثة مدنيين

مراقبون دوليون مع قوات روسية تستعد للانسحاب من نقطة تفتيش بقرية جورجية
(رويترز-أرشيف)أعلنت السلطات في أوسيتيا الجنوبية اليوم الأحد أن مجموعة من الجورجيين "اختطفت ثلاثة مدنيين" من قرية أرتسيفي.

وذكرت مصادر صحفية روسية أن وزارة الدفاع في تسخينفالي أعلنت أن أجهزةَ الأمن فتحت تحقيقا لمعرفة ملابسات الحادث.

وأفادت الوزارة بأن العدد الإجمالي للرهائن الأوسيتيين الجنوبيين الذين اختطفوا بعد انسحاب قوات الأمن الروسية من المنطقة الأمنية العازلة في جورجيا بلغ 11 شخصاً.

في الأثناء أمرت السلطات الأوسيتية بفتح النار والرد مباشرة إذا تعرض مواطنوها لإطلاق رصاص، وذلك على خلفية تعرض مركز شرطة لهجوم من هذا القبيل أمس في قرية نيكوزي بالمنطقة العازلة.

استفزازات
وقال وزير الداخلية الأوسيتي الجنوبي ميخائيل ميندزاييف إنه لم تقع إصابات نتيجة الهجوم، لكنه أكد أنه واحد من بين عدة استفزازات من قبل القوات الجورجية. وأضاف في بيان "لن نترك مواطنينا وموظفينا عرضة للموت".

في المقابل نفى الناطق باسم الداخلية الجورجية شوتا أوتياشفيلي إطلاق قوات لبلاده النار على مركز للشرطة في أوسيتيا الجنوبية.

وانتقدت تسخينفالي المراقبين الأوروبيين الذين يراقبون الحدود المشتركة مع جورجيا بعد انسحاب القوات الروسية هذا الشهر، وتوقيع اتفاقية لوقف النار طبقا لبنود خطة السلام الأوروبية.

كما اتهمت المراقبين بالانحياز، قائلة إنهم يتجاهلون الاحتجاجات بخرق القوات الجورجية وقف إطلاق النار.


المصدر: وكالات
...........................................
اقرأ:
الأزمة القوقازية ومستقبل أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية
أبخازيا.. واقع يتغير

http://www.aljazeera.net/NR/exeres/940F9CD0-9F7A-490A-942F-93C127B6DEDC.htm

صحيفة الفجر: أزمة القفقاس تغير الأدوار

ملاحظة: لقراءة المحتوى بوضوح، يرجى تحميل الصّورة

المسرحية الهزلية للمؤتمر الدولي الأول للغة الشركسية

المسرحية الهزلية للمؤتمر الدولي الأول للغة الشركسية

نحن شباب الشراكسة الأحرار نرغب بأن نعلن رأينا ليكون مدوياً صاخباً يقرع الآذان قرعاً ليقول كلمة الحق. لأن الحق أصبح غريباً في هذا الزمن ، ولأن الحق سيبقى مهما علا وتآمر الغرباء ، لأن الحق لا يضعف مهما اشتدت قوى الأعداء.
أيها الأخوة ..
إن اللعبة المفضوحة للمؤتمر الذي يتداوله المؤتمرون مؤامرة واضحة ، مفضوحة لكل واحد يدرك الحق ويفهم الحقيقة.
إننا شعب عريق ينتمي إلى أصول ضاربة جذورها في عمق التاريخ وفي أفق السماء ، لن يتراجع ولن يذوب مهما ازدادت وقويت شوكة الشرّ.
أيها الشراكسة ، أيها الأخوة ، أيها الشباب ..
إن المسرحية الهزلية التي عقدت هذه الأيام تحت رعاية المركز الثقافي الروسي والسفارة الروسية التي دعت إليها لهي مسرحية هزلية محروقة أوراقها ونتائجها رغم محاولة بعض الضعفاء التعاون معها وإظهارها بصورة جميلة.
إن الأولى لهذه السفارة ولهذه الحكومة أن تجمع هؤلاء المشتتين وأن تعقد لهم هذا المؤتمر في بلادهم الأصلية ، وليس في بلاد الشتات ، حيث كان الأجدر لهذه الحكومة أن تعقد مؤتمراً تعترف فيه بحق أصحاب البلاد الأصليين الذين أجبروا على الرحيل من أرضهم ظلماً وبهتاناً وبحقهم في هذه الأرض أو على الأقل أن يحملوا جوازات سفر تمنحهم اياها هذه الحكومة لحرية الذهاب والتنقل للوطن الأم ، وأن تعاملهم كبقية السفارات الأخرى.
إن هذه المهزلة أدركها شبابنا الشركسي الحر والمثقف والذي يؤمن إيماناً قاطعاً بصدق قضيته ويؤكد نجاح قضيته مهما طال الزمن ومهما اشتدت مؤامرات المتآمرين.
فهذه المهزلة لن تؤثر ولن تحد من جذوة الطموح الشركسي لهذا الشباب المدرك بصدق وانتصار قضيته.
لذا نقول لهذه السفارة وغيرها ممن التف حولها وتعامل معها من عملاء ال (FSB) داخل الجمعية وخارجها بأن هذه المهزلة لن تحبط من عزيمة الشباب الشركسي ولن تغير رأيه في قضيته ورأيه في الحكومة الروسية وأساليبها الملتوية.
فهذا الشباب المؤمن بقضيته لن يتنازل عنها حتى يعود الحق إلى أهله ونعود نحن وأطفالنا إلى أراضينا وبيوتنا في وطننا الأم والتي هي من حقنا. فهذه قضية عالمية يجب على شبابنا أن يدرك عالميتها وأهميتها ، وأن يطرق أبواب ومحافل هيئة الأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية وغيرها.
هذا وعلى شبابنا أن يدركوا أن القضية لن تنجح إلا إذا تعاون شبابنا في الشتات مع شبابنا في الوطن الأم يداً واحدة وقلباً واحداً وفكراً واحداً للوصول إلى حقوق عودتنا إلى وطننا الأم.
لن يقصر الشباب في الشتات أن يعرضوا قضيتهم على محكمة العدل الدولية للنظر في هذه القضية الإنسانية وبمساندة الشرفاء من أبناء الوطن في الشتات وفي الخارج.
قضيتنا هي قضية إنسانية واضحة في أبعادها وأهدافها ، على كل مواطن شركسي شريف في الشتات وفي الوطن الأم أن يقف وقفة صدق وأمانة وفروسية أمام هؤلاء الذين يحاولون أن يجعلونا ننسى حقوقنا ، كي يعود الحق إلى أهله.
وأخيراً نوصي :
1) نوصي شبابنا بعدم الانخداع بما تقوم به السفارة الروسية وحكومتها من حركات مكشوفة لاحتواء القضية الشركسية وإبعادها عن حقيقتها الكبرى وهي العودة إلى الوطن الأم ، مثل هذه الحركة التي قامت بها السفارة (المؤتمر الدولي الأول للغة الشركسية) ، وذلك كي تظهر نفسها بمظهر الراعي والحاني على هؤلاء اللاجئين والمشتتين الشراكسة في الشتات وفي الوطن.
2) نطالب شبابنا في الوطن الأم والشباب في الشتات المساهمة في دعم حركة الشباب الشركسي الحر في رفع قضيتهم في محكمة العدل الدولية والمحافل الدولية الأخرى.
3) طرد كل شخص يتآمر ضد قضيتنا العادلة ومقاطعته مثل أولئك عملاء ال (FSB) المأجورين في داخل الجمعية وغيرها من أجل مكاسب (حفنة من الروبلات) لا تساوي شيئاً كقابضها.
4) إطلاق الحرية لجميع الشراكسة مهما اختلفت أعمارهم للتحدث بحرية تامة والتعبير عن رأيهم لإظهار الحقيقة ولإظهار الرأي الآخر المخالف لرأي الجمعية وللتبعية ، وكذلك رفض سياسة تكميم الأفواه.
نرجو من إخواننا جميعاً أن يكونوا على وعي تام لما يدور حولهم من مؤامرات ونرجو أن يتيقن الجميع أن العودة للأرض خير من هؤلاء الأشخاص ومن هذا الكبرياء الزائف والتبعية الزائفة وخير من التشرّد.
وأخيراً ..
نقدم شكرنا لأبنائنا ولأساتذتنا ولجميع من قاطع هذا المؤتمر من الشراكسة ورفض هذه المسرحية الهزلية.
بورك الشباب الشركسي المثقف الحر
16/10/2008م

توقيع

شباب الشراكسة الأحرار (الأردن – فلسطين – تركيا –
سوريا – مصر – أمريكا – قبردينا بلقاريا – الأديديه –
وفي كل دول الشتات)
...................................................................
نشرت الرسالة أعلاه كما وردت من المصدر.

صحيفة الفجر: الجالية الشركسية نظرة مختلفة؟


ملاحظة: لقراءة المحتوى بوضوح، يرجى تحميل الصّورة

صحيفة الفجر: ردود على: هل نجحت المخابرات الروسية في اختراق الجمعيات الشركسية في الشتات


ملاحظة: لقراءة المحتوى بوضوح، يرجى تحميل الصّورة

صحيفة الفجر: هل نجحت المخابرات الروسية في اختراق الجمعيات الشركسية في الشتات؟


ملاحظة: لقراءة المحتوى بوضوح، يرجى تحميل الصّورة

السبت، 18 أكتوبر 2008

الحياة: روسيا هدف هجوم الغرب والحرب الباردة الجديدة

روسيا هدف هجوم الغرب والحرب الباردة الجديدة
س.أ.كاراغانوف الحياة - 15/10/08//
دخل العالم في «عصر جديد» تدور فيه حرب باردة يؤججها الغرب القديم لاستعادة مواقع فقدها، والحؤول دون تجديد توزيع النفوذ في العالم. وفي المراحل الأولى من العولمة شهد الغرب نهضة اقتصادية لا سابق لها. ولكن غياب الإصلاحات البنيوية اسهم في تباطؤ النمو الاقتصادي بأوروبا، وتفاقم المشكلات الاقتصادية بالولايات المتحدة. وجنت دول رأسمالية «يافعة» في المناطق الشرقية والجنوبية - الشرقية من آسيا، وفي مقدمها الصين والهند، وبعض دول أميركا اللاتينية، ثمار العولمة، في مراحلها اللاحقة، وحققت معدلات نمو فاقت معدلات نمو أوروبا والولايات المتحدة. وتغيرت خريطة توزيع الناتج العالمي، وانتقلت الثروات من أوروبا الى آسيا الجديدة، ومن دول الرأسمالية القديمة الى الدول الرأسمالية الجديدة.وعلى هذا، قرر الغرب إنشاء «اتحاد الديموقراطيات» من اجل مواجهة هجوم «السلطويين الجدد»، وفي مقدمهم روسيا والصين ودول آسيا الجنوبية والشرقية وكازاخستان وبعض دول أميركا اللاتينية. وقوض مصالح الغرب انتشارُ السلاح النووي ووقوعه بين يدي الهند وباكستان، وانتقال الهيمنة على مصادر الطاقة الى الدول المنتجة للنفط وشركاتها الوطنية. وتعاظم اختلاف وجهات النظر الى قضايا جيو - سياسية واقتصادية بين روسيا والغرب، بعد انتهاء الحرب الباردة. وتتجه أوروبا والولايات المتحدة الضعيفتان الى رفع مستوى التعاون بينهما لتعزيز قوة حلف الـ «ناتو» في مواجهة «نظام التسلط الجديد». وبعد قصف يوغوسلافيا، وغزو العراق، وتقهقر نمو الاقتصاد الغربي، بدأ الغرب يخسر دوره السيادي العالمي في ميادين الأفكار والأخلاق. ويخوض فرسان الحرب الباردة المعركة متسلحين بتصوراتهم البائتة وأفكارهم القديمة.والحق أن روسيا هي هدف هجوم الغرب. فهي نهضت اقتصادياً، واضطلعت بدور مستقل في الساحة الدولية. وهي رمز إعادة توزيع الناتج الإجمالي العالمي ونقله من الغرب الى آسيا، والإشراف على مصادر الطاقة، وأيقونة نجاح الرأسمالية الجديدة «السلطوية». وتكبد الغرب خسائر كبيرة جراء تغير مكانة روسيا. وتحسنت أوضاع الروس الاقتصادية عما كانت في عهد «الاشتراكية الفعلية»، وهم يتمتعون بشيء من الحرية المقيدة.وأسهمت روسيا في بزوغ شمس «العصر الجديد»، والحرب الباردة الجديدة. فهي أعادت النظر في قواعد نَظمت علاقتها بالغرب في أعوام الفوضى، واستخفت بالدول الضعيفة والصغيرة، وتباهت باسترجاع قوتها. وبعث استعراض الروس رفاهيتهم النسبية الحديثة النفور والكراهية في نفوس ممثلي الأمم الأخرى الخائفين من تدني مستوى أحوالهم المعيشية. ويبدو أن الغرب يحسب روسيا «حلقة ضعيفة» من حلقات الجبهة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية غير الغربية. وعلى رغم ضخامة عائداتها النفطية وسياستها الاقتصادية الذكية، لا تضاهي روسيا الصين قوة، ولا يخشاها الغرب على قدر ما يخشى جارتها. فاستُدرجت الى معركة في القوقاز. وعلى خلاف ما توقع الغرب، ردت روسيا رداً مناسباً ومحترفاً. وضاعف ذلك عزم القوى الغربية على إعاقة نهضة روسيا، قبل ان يتعاظم نفوذها. ورسم الغرب صورة تظهر روسيا بمظهر العدو أو المنافس. وتوسل هذه الصورة مسوغاً لتهميش روسيا مجدداً، وتدميرها. ولا شك في أن الحملة على روسيا غير عقلانية، وقد تفضي الى نشوء أزمات خطيرة. وشُنّت الحرب الباردة لمواجهة الهيمنة الروسية التوسعية، وليس الرأسمالية الروسية الطرية العود والتي تشوبها عيوب كبيرة. ويبدو أن لا مجال للحلول الوسطية في الحرب هذه. فالولايات المتحدة المهيمنة عالمياً ستنتهج نهجاً صارماً تجاه روسيا، سواء فاز الجمهوريون أم الديموقراطيون.ويتوقع أن تلجأ معظم الدول الأوروبية الى المناورة لزيادة الضغط على روسيا، على رغم ان «قدامى الأوروبيين» لا يريدون المواجهة خوفاً من سيطرة أميركا عليهم. والأوروبيون والأميركيون يريدون ضم اوكرانيا الى الـ «ناتو».ووراء رفض روسيا أسباب استراتيجية. فموسكو على يقين من أن نيات الغرب عدائية تجاهها. ولا ريب في أن انضمام اوكرانيا الى حلف الـ «ناتو» يفضي الى تقسيم أوكرانيا. وإذا لم تتراجع القيادات الأوكرانية المنحازة لأميركا عن خطواتها المميتة، ولم يقف الأوروبيون في وجهها، فقد تنقض روسيا الاتفاق الروسي - الأوكراني الذي ينص على الاعتراف المشترك بالحدود التي رسمت في العهد السوفياتي. وتوقع تفاصيل ما قد يترتب على هذه الخطوة عسير.وجليّ أن المواجهة في القوقاز لم تنته فصولها. فالقدرات العسكرية الجورجية لم تدمر كلياً. وتعلو في تبيليسي دعوات الى الانتقام. ووعدت الولايات المتحدة جورجيا بتجديد ترسانة قواتها المسلحة. ويترتب على الحرب الباردة الجديدة تقويض التعاون الدولي لمنع انتشار السلاح النووي، ومكافحة الإرهاب، ومعالجة التغيرات المناخية، وغيرها من قضايا المصالح المشتركة. ومن المتوقع أن يحتكم مجدداً في هذه القضايا الى الحسابات السياسية.وتعوق قيود ثقيلة قدرة روسيا على المواجهة في هذه الحرب. فهي تفتقر الى حلفاء فعليين، ومواردها محدودة جداً، وجيشها ضعيف نسبياً، ويحتاج الى التطوير والتحديث، وتعزيز قدراته العسكرية الحديثة والعصرية. وعلى روسيا تجنب الوقوع في فخ مميت، وتفادي نفخ الروح العسكرية في الاقتصاد والتفكير. ولعل جوهر المجابهة الراهنة هو محاولة الغرب كبح مسيرة التاريخ المضرة بمصالحه.
(نائب مدير معهد أوروبا، ورئيس هيئة مجلس السياسة الخارجية والدفاعية)
عن «روسيا في غلوبالنوي - بوليتيكي» الروسية، 9/10/
2008