جيش روسي جديد يخوض حروباً حديثة
إيفان كونوفالوف الحياة - 29/10/08//
أعلن اناتولي سيردوكوف، وزير الدفاع الروسي عن مباشرة اكثر الإصلاحات جذرية في المؤسسة العسكرية الروسية، منذ انهيار الاتحاد السوفياتي الى اليوم. وتبدو مهمة الوزير صعبة. ولا يقتصر التحدي على إقالة جنرالات لا يحتاج الجيش إليهم. وهذه خطوة أخفق في إبرامها أسلافه من أمثال بافيل غراتشوف وسيرغي ايفانوف، بل يتعداه الى تقليص عدد قيادات أركانه الى النصف، وإعادة تأهيل فرق الجيش وأفواجه، وإعادة بناء هيكلية الجيش الموروثة من الحقبة السوفياتية. واكتفى وزراء الدفاع الروس السابقون باتخاذ إجراءت بسيطة، على غرار دمج القوات الجوية في قوات الدفاع الجوي، وإخضاع طيران الجيش لأوامر القوات البرّية وضم الوحدات المرابطة في شبه جزيرة كامتشاتكا الى الاسطول. وانتهى الجيش الروسي في 2008 الى آلة ضخمة سوفياتية الطراز وبالية تفتقر الى عدة خوض حرب شاملة.
وأولى المحاولات الجادة لإصلاح الجيش الروسي هي تلك التي قام بها رئيس هيئة الأركان العامة الاسبق، يوري بالويفسكي، في عهد الوزير السابق سيرغي ايفانوف. وبدأ بالويفسكي إنشاء ثلاث قيادات استراتيجية، وهي القيادة الجنوبية، والقيادة الشرقية، والقيادة الغربية. ولم ينجح بالويفسكي في إقرار هذه الإجراء، فهو أقيل بعدها من منصبه.
ويبدو أن مشروع تحديث الجيش نضج في مطبخ القرارات السياسية العسكرية. ويرمي هذا المشروع الى تعديل خطة بالويفسكي، واستبدال سلم التراتبية السابق، أي «منطقة عسكرية وجيش وفرقة وفوج» بتراتبية جديدة هي «منطقة عسكرية وقيادة عمليانية ولواء». وبحسب مصدر في وزارة الدفاع الروسية، لم تضرب مواعيد تسريح الفرق والأفواج بَعد. ويدرك جنرالات كثر أن الخطة سائرة الى التطبيق، مهما كانت الظروف.
ولا شك في أن تغير الأوضاع في محيط روسيا وفي الداخل الروسي، عبّد الطريق الى إصلاح جذري شامل في المؤسسة العسكرية. وهو إصلاح عارضه صقور الجيش والحكومة طوال أعوام. ويرى الجنرال ايغور روديونوف، وزير الدفاع الروسي السابق، ان الانعطاف مرتبط بالحرب الأخيرة بأوسيتيا الجنوبية. فالقيادة الروسية استخلصت من الحرب الأخيرة أن الوحدات العسكرية الصغيرة، المدربة والمجهزة وسريعة الحركة، هي مقدمة الانتصار في النزاعات الحديثة.
ويرى الخبراء ان عمليات تحديث بنية الجيش تفترض زيادة عدد الضباط برتبة الملازم وملازم الأول في القوات المسلحة الى 60 الف ضابط، قبل 2012، وتقليص مناصب الضباط الكبار الى أقل من النصف. وأوضح الوزير ان هدف هذا التدبير هو تعيين «قادة حقيقيين لوحدات حقيقية»، و «موظفين برتبة مديري مستودعات». ومن المتوقع أن يقلص عدد الجنرالات من 1100 جنرال إلى 900 جنرال، وعدد عناصر هيئات وزارة الدفاع المركزية وأجهزة القيادة العسكرية، ويبلغ عددهم الإجمالي 21813 عنصراً، الى 8500 عنصر.
وبحسب مصدر في وزارة الدفاع، يبعث قرار تقليص عديد الجيش على الغضب في أوساط تيار محافظ من الضباط الذين ألفوا النظام القديم. وينبّه المصدر الى أن لا عودة عن مسيرة الإصلاح، وأن القرار أقرته قيادة الدولة. وقد يلقى «الصقور وأصحاب الرؤوس الحامية» مصير المسرحين. ونظم وزير الدفاع لقاءات توضيحية مع ممثلي رئيس الدولة في الأقاليم لتفادي الأخطار السياسية والاقتصادية والاجتماعية المحتملة المترتبة على عملية التقليص المقبلة. ويرى فيتالي تسيمبال، مدير مختبر الاقتصاد العسكري في معهد الاقتصاد الانتقالي، ان حل مشكلات الجيش يقتضي تأمين نقل سريع للوحدات الصغيرة على مسرح حرب شاسع. ويقول الكسندر خرامتشيخين، رئيس قسم الدراسات العسكرية في معهد الدراسات العسكرية والسياسية: «إذا كان الطيارون في طيران النقل، وأفراد قوات الإنزال، خاضعين لقادة مختلفين، على ما هي الحال في الجيش الروسي، حريّ بنا أن نتراجع عن خطة « الرد السريع». فعملية تطوير الجيش تفترض تغييراً لا غنى عنه في شكل الهيئات القيادية وتركيبتها.
عن إيفان كونوفالوف، «كومرسانت» الروسية، 25/10/2008
0 التعليقات:
إرسال تعليق