الأحد، 12 أكتوبر 2008

كوسوفوالمثال

كوسوفوالمثال
عموما بغض النظر عمن يكن المستعمر الظالم و من يكن المظلوم والمجني عليه، فان العلاقة بين السلطة الامبرياليه كونها الفوة المحتلة وبين الرعايا والشعوب أو الأمم، كما هي العلاقة بين الوحش والاغنام، والتي عادة ما تكون مليئه بالخوف و الرعب حتى يتم الطرد القسري للوحش أو عن طريق تحييده من قبل قوة أكبر وذات هيمنة أكثر والتي هي في هذه الحاله استعداد الشعب لاستعادة الكرامة والحرية والاستقلال والتي هي ليست قابلة للتفاوض بالنسبة للأمم التي تصبوا للتحرر من الطغاة الامبرياليين.

وأخيرا أمة مظلومة أخرى قد أعلنت استقلالها. هذه المرة هي كوسوفو التي قررت ممارسة حق تقرير مصيرها و الذي يعتبر حقا مشروعا للحرية في اختيار مصير الأمة الذي يكفله "الاعلان العالمي لحقوق الانسان".
صربيا أظهرت وأثبتت عنادها في القبول بحقيقة الخيار الذي اتخذته كوسوفو، مع الاخذ بعين الاعتبار ان صربيا و بدعم وحماية روسيا، قد شنت حربا وحشية من الارهاب والتطهير العرقي والتي أثرت على مئات الآلاف من المدنيين الأبرياء والتي في نهاية المطاف اجبرت أبناء كوسوفو للثورة والى ان يقرروا استعادة هويتهم واستقلالهم.
برفضها الاستقلال، قامت تلك الاطراف، ومن ضمنها البلدان التي ترأستها "روسيا بوتين"، بمقاومة ورفض فكرة النزعة للحرية منذ بدء عملية الاستقلال، وحتى انها عملت بجد لاقناع الآخرين برفض الامة الحديثة الولادة.
ان سبب الاعتراض واضح، وهو الجشع بالاضافة الى الرغبة في السيطرة على الآخرين عن طريق احتلال أوطانهم ومناطقهم وأقاليمهم من أجل الابقاء على أولئك الذين تم حكمهم والسيطرة عليهم ضد رغبتهم، ولابقائها تحت الاستعمار و الامبرياليه.
"روسيا بوتين" هي الأكثر قلقا على الاطلاق. هذا الحدث قد زاد الخوف من المستقبل الذي من الممكن ان يحدد أكثر من 100 أمه تحتلها روسيا لتقرر مستقبلها من خلال ممارسة حق تقرير المصير بعد مئات السنين من الاحتلال والاباده الجماعية والتطهير العرقي والتدمير والنهب والسلوك والنهج الإجرامي والارهاب والتعذيب والطغيان والقهر والهدم والوعظ في مبادئ حقوق الانسان التى تحميها والتي تضمنها الأعراف والمعايير الحضارية والمبادئ الدينية وميثاق الامم المتحدة حول حقوق الانسان.
روسيا تلعب دور "الوحش في ثوب الحمل" بعد ان اطلقت التهديدات الخفية، وهي ألمحت بانه لو قامت كوسوفو باعلان الاستقلال فسوف تعترف روسيا باستقلال جمهوريتي أبخازيا وأوسيتيا الجنوبيه؛ ولكن عندما برز الواقع وأعلنت كوسوفو الاستقلال، فان الإعتراف باستقلال أبخازيا وأوسيتيا الجنوبيه قد توقف وتثاقل و حتى أنه واجه الصعاب. ان الجمهوريتين كانتا مستعمرتين من قبل جورجيا، ولكنهما تمكنتا من طرد الجيش الجورجي الى ما وراء الحدود، مما ادى الى ان روسيا تتولى السيطرة على الجمهوريتين فى اطار الادعاءات والتستر بالمشاركة فى الجهود الدولية الراميه الى الحفاظ على السلام والاستقرار عن طريق ايجاد منطقة عازلة تقسم وتفصل بين القوات المتحاربه، لمنع اندلاع الحرب بين جورجيا والمستعمرتين السابقتين أبخازيا وأوسيتيا الجنوبيه.
وفي الحقيقة فان كل من الجمهوريتين قد غيرتا فقط السجان وسلطة الاعتقال من مستعمر طامع الى آخر أكثر طمعا منه والذي فرض السيطرة على جميع مناحي الحياة لتلكما الجمهوريتين الصغيرتان الملهمتان الى الحد الذي تم به منحم الجنسية وجوازات السفر الروسيه، مما جعلهم حتى المشاركة في الانتخابات العامة الروسيه! واذا بقيتا على هذا الحال، فان الجمهوريتين سيتم اعتبارهما عمليا تحت السيطرة الاستعماريه الروسية المباشره بنفس الطريقة التي استخدمتها روسيا لاستعمار الاخرين اثناء الحقبه السوفياتيه!
اعلان الاستقلال الذي هو قضية حساسة بالنسبة لروسيا من شأنها ان تحدث انقباضا وتسبب انكماشا في السياسة الامبريالية الروسيه التي لا تزال العد للملايين (لاضاعة الوقت) لكي تقرر فيما اذا كانت تقبل باستقلال الجمهوريتين في شمال القوقاز أم لا، لأن مثل هذا التحرك من شأنه أن يهدف لتحريك الجمهوريات والأقاليم والمناطق الأخرى المستعمرة من قبل روسيا، والتي تصبوا الى الحرية وتقرير المصير، مثل الشيشان و شركيسيا والداغستان وتتارستان وأوسيتيا الشمالية وغيرها، والتي من شأنها ان تتخذ من ذلك مثلا يحتذى والذي سوف يشجعهم على المضي في اعلان الاستقلال الذي من شأنه ان يضع "روسيا بوتن" تحت تحدي و ضغط حق الشعوب في اختيار مصيره ومستقبله وقدره. ينبغي تهنئة كوسوفو وحمايتها من قبل العالم المتحضر.
ماركوس اوريليوس قال: "دون وجود هدف ينبغي عدم القيام بأي شيء"، وقال بنيامين ميز: "ان مأساه الحياة لا تكمن في عدم بلوغ هدفك. بل الماساه تكمن في عدم وجود هدف للوصول اليه".
ايجل 25
– فبراير / شباط - 2008

0 التعليقات: