السّاديّة في دورة الالعاب الاولمبيّه الشّتويّه تساوي مهزله الادّعاءات الاستعماريّة
الوحيدون البشر المتعقّلون هم الّذين سوف ينظرون الى الأمور والوقائع بطريقة تحترم الكرامة وتقدّر القيم التي ينبغي ان يتحملها كافّة النّاس والأفراد من ذوي الضّمائر الحيّة من دون استسلام أو تهرّب، في حين يقوموابعرض عملهم بايجابيّه مع الواقع الموضوعي. ومن الواضح ان الناس و / أو الأفراد المخدوعين دائما يفترضون قلّة الوعي والمعرفه والتعليم والفطنة والذّكاء لدى الآخرين.
ألألاعيب السّياسيّة التي استطاعت التّطور واستخلاص الاعلان اللاّ أخلاقي باختيار سوتشي لاستضافة دورة الالعاب الاولمبيه الشتويه لعام 2014، مع رعايه واقرار وحضور الرّئيس الروسي الحالي فلاديمير بوتين، وقد تمّ تقديمه الى جمهور الحضور ووصف من قبل من يعتقد بانّه عضوا في اللجنة الاولمبيه، والّذي قال في بيانه انه "لا يمكن لسوتشي ان تكون حيث هي الآن، بدون الّدعم والرؤيه والتعاطف لرجل وحيد، هو الرئيس فلاديمير بوتين"!
أدّت المبالغه الى جعل بوتين يأخذ خشبة المسرح والقاء كلمة بهذه المناسبه؛ ولكن هذه المرة بالّلغة الانكليزيّه والّتي هي حالة نادرة او حتىّ هي المرّة الوحيدة الّتي ألقى بها بوتين كلمة عامّة متلفزه باللغه الانكليزيه، لاعطائه الفرصة للشّكر وبالعلن لجميع الّذين شاركوا في وضع هذا الحدث على الواقع، لتقديم عرض سوتشي استضافة دورة الالعاب الاولمبيه الشّتويّه في عام 2014، ثم تعهد بالوعود بأن روسيا ستبذل قصارى جهدها بان الالعاب ستكون "امنه وممتعه وتجربة لا تنسى" للجميع. وذكر ايضا ان روسيا مستعدّة لمتابعة تجاهل المبادئ الاخلاقيه للعالم المتحضّر في القرن الحادي والعشرين.
ما يحدث في الأراضي المحتلّة في منطقة شمال القوقاز مثل الشيشان وأبخازيا وأوسيتيا وأنغوشيتيا وداغستان و قبردينو - بلقاريا واجزاء اخرى يثبت ان المنطقة غير مستقرّة، بينما موقع الالعاب يقع بالقرب من المناطق المضطربه ممّا يجعل من المستحيل ضمان السّلامه.
انّ المزاياالماليّة والمادّية الّتي تمّ الحصول عليها ستكون الموضوع الرئيسي لهؤلاء الّذين نظّموا الأمر بالكامل بكل ما للكلمة من معنى، مما أدّى في نهاية المطاف الى التوصل الى قرار اختيار سوتشي للالعاب الاولمبيه الشّتويه لعام 2014، الى جانب المكاسب التي سيتم الحصول عليها من دعاية وترقيات وجلب للانتباه.
انّ غازبروم للنّفط، اضافة الى الشّركات والمؤسّسات الاخرى التي تمتلكها وتؤثّر بها الحكومة تقوم بدور تنفيذ "مشاريع متعدّدة تسهم بالتّلوّث" على أراض ومواقع في اماكن مختلفة في ما يسمى بالاتّحاد الرّوسي، مثل سانت بطرسبرغ وذلك ببناء ناطحات السحاب وغيرها من المباني وكذلك الموقع الذي تم اختياره في سوتشي للالعاب الاولمبيه الشتويه لعام 2014 والتي تعتبر جميعها "أراضي اتحادية تتمتّع بالحماية" وايضا تعتبر من قبل اليونسكو كمواقع للتّراث العالمي تحت الحماية.
وحسب شائعات واسعه الانتشار، فانّ غازبروم للنّفط وحدها قد تبرّعت للّجنة الاولمبيّه الدّوليّة مبلغ مليار دولار من الاموال السّهلة التي تمّ استيفائها من اسعار النفط الباهظة التي أفادت هؤلاء الّذين كانوا في السّابق لا يتمكّنون من دفع قيمة الفوائد الماليّة المترتّبة على اجمالي ديون الدّولة!
انّ لدى النّاس أسئلة مشروعة وعادله للاستفسار وانّ الذين يشاركون في المناسبات المشبوهة (رغم أنّهم لا يتمتّعون بمحاسبة الضّمير)، فهم مجبرون على تقديم اجابات صحيحة وصائبة. هنالك قضايا هامّة تحتاج إلى التحقق منها، مثل اغتيال الصّحفيّين وقتل واعتقال المعارضين السّياسيّين وشن الحروب والتّطهير العرقي ضد عشرات الأمم المستعمرة في القوقاز وما وراءها، الى جانب هدم الدّيمقراطيّه والحريّة والقيم والثّوابت.
ومن المعتاد فانّ مواقف ماكرة و ذات صفة تظهر التّشبّه بالدّمى(التّهبّل)، فانّ فلاديمير بوتين ذكر في كلمته ان "اليونان القدماء عاشوا حول سوتشي قبل قرون عديدة مضت"، في حين يحاول تناسي الحقائق التاريخية التي تشير الى ان الشراكسة عاشوا هناك لاكثر من 5000 سنة. انّ الاطماع الروسيه أصرّت على استضافة دورة الالعاب الاولمبيّه الشّتويّه، واللجنة الاولمبيّه الدّولية ذهبت في ذلك المنحى، في حين ان البنية التّحتيّة والبناء وكذلك الالعاب ستكون وستقام على "أرض الاباده الجماعية"، وفي المنطقة الّتي حدث فيها التّطهير العرقي ضد الشّركس في القرن التاسع عشر حيث الجرائم البشعه الّتي اقترفها القياصره الرّوس أوجدت مقابر جماعية وهي مليئة برفات الابطال والضحايا، الّذين هوجموا في عقر دارهم من قبل المستعمرين المجرمين الامبرياليّين، مع نفس السياسات الّتي ما زالت متّبعة ويتم تنفيذها في القرن الحادي والعشرين مع دعم ما يسمى العالم المتحضّر دون الالتفات الى الجرائم الوحشية وتبعاتها ضد أحفاد هؤلاء الذين قضوا نحبهم اثناء قيامهم بدفاعهم عن انفسهم ضد الغزاه المتوحشين، في حين ان اللجنة الاولمبيه الدولية والادارة الرّوسيّه الحاليّة منهمكون في عملية تخصيص اكثر من 12 مليار دولار لذلك الغرض.
اسلوب في الخداع يفترض جهل الآخرين، وهو كالأساليب الرّوسيّة المعتادة بتجاهل الحقائق الموثّقه (بما في ذلك المحفوظات الرسمية الرّوسيّه)، وحقائق الاباده الجماعيّة الرّوسيّه ضد الشّراكسة وأمم شمال القوقاز، بحيث ان نفس الطغاه خرجوا بالكذبه الكبرى لما يسمّى بذكرى 450 عاما من الارتباط الطّوعي مع روسيا، وبالتّحايل الصّريح مع كافّة المعنيّين من أجل دفع واجبار أحفاد الضّحايا للاحتفال بالذّكرى "المهزلة" والّتي لم تحدث مطلقا ولم يشار إليها من قبل المؤهّلين والجديرين بالثّقه والّذين يعتمد عليهم من المؤرّخين.
اذا كانت القضية هي ارتباطا طوعيّا مع روسيا حسب الوصف، كما يدّعي أتباع القياصرة، فلماذا كانت هناك الحرب التي امتدّت على مدى 101 عاما ووضعت أوزارها في 21 أيّار / مايو من العام 1864، بسقوط شركيسيا وشمال القوقاز في قبضة قوّات الاحتلال العسكريّة الرّوسيّه، والّتي تلتها بناء وتشييد الآلاف من النّصب والتّماثيل التي تذكّر بالاحتلال والاستعمار والامبرياليّه لتخليد ما يسمّى بانتصارهم ضد شعوب وامم شمال القوقاز، والّتي أثبتت طبيعه الاحتلال من خلال استعمال القوّة، والتي اسفرت عن استعمار رّوسي ونتائج كارثيه بالنسبة لجموع السّكّان الّذين كانوا عرضة للاباده الجماعية والتّطهير العرقي والمذابح والتّشريد والترحيل القسري خارج الوطن مع المساعدة والمؤامرات المشبوهة الّتي كانت هناك جهات كثيرة تقوم باذكائها بحيث كانت أطراف رئيسية في تنفيذ ما خطّط له ضد شركيسيا وشمال القوقاز، مع الاشارة هنا الى احد الأمثلة عن تلك الأطراف والّتي تظاهرت بتقديم المساعدة، ولكن في الحقيقة انهم حصلوا على ميّزة استضافة أولئك الّذين اضّطرّوا الى مغادرة الوطن وذلك لمساعدة الدّولة المضيفه في تصويب ما بدى من تفكّك للدّولة الامبرياليّه الهرمة وخاصّة في البلقان والمشرق العربي؟
انّ الاستنتاج الايجابي ازاء تلك التطورات الأخيرة أوجدت منبّها للاستيقاظ بحيث جعلت الشّراكسة وشعوب شمال القوقاز يدركون الآثار النّاتجة عن الدّولة الامبرياليّه التي لا تزال تحتل الوطن الأم الحبيب، مماّ جعلهم يشاركون في احتجاجات مناهضه للاكاذيب الامبرياليّه ومحاولة تجاهل الاحتلال العسكري الاستعماري، وبكل ما يرتبط بذلك من العواقب. وكان هنري بروكس ادامز قد قال: "من المستحيل أن نقلّل من الذّكاء البشري- بدءا بالمرء نفسه".
ايجل2 – اكتوبر / تشرين الأوّل - 2007
0 التعليقات:
إرسال تعليق